فجد في طلبه عبد الله بن علي حتى طرده عن دمشق ونازلها، وأخذها بعد أيام، وبذل السيف، وقتل بها في ثلاث ساعات نحوا من خمسين ألفا، غالبهم من جند بني أمية.
وانقضت أيامهم، وهرب مروان إلى مصر في عسكر قليل، فجدوا في طلبه إلى أن بيتوه بقرية بوصير فقاتل حتى قتل، وطيف برأسه في البلدان وهرب ابناه إلى بلاد النوبة.
قال محمد بن جرير في "تاريخه" كان بدو أمر بني العباس: أن رسول الله ﷺ فيما قيل أعلم العباس أن الخلافة تؤول إلى ولده فلم يزل ولده يتوقعون ذلك.
قلت: لم يصح هذا الخبر، ولكن آل العباس كان الناس يحبونهم، ويحبون آل علي، ويودون أن الأمر يؤول إليهم، حبًا لآل رسول الله ﷺ وبغضًا في آل مروان بن الحكم، فبقوا يعملون على ذلك زمانًا حتى تهيأت لهم الأسباب، وأقبلت دولتهم وظهرت من خراسان.
وعن رشدين بن كريب: أن أبا هاشم بن محمد بن الحنفية خرج إلى الشام، فلقي محمد بن علي بن عبد الله بن عباس، والد السفاح، فقال: يا ابن عم إن عندي علما أريد أن ألقيه إليك، فلا تطلعن عليه أحدًا، إن هذا الأمر الذي يرتجيه الناس هو فيكم قال: قد علمته فلا يسمعنه منك أحد.
قلت: فرحنا بمصير الأمر إليهم، ولكن والله- ساءنا ما جرى لما جرى من سيول الدماء والسبي والنهب- فإنا لله وإنا إليه راجعون- فالدولة الظالمة مع الأمن وحقن الدماء ولا دولة عادلة تنتهك دونها المحارم، وأنى لها العدل؟ بل أتت دولة أعجمية خراسانية جبارة ما أشبه الليلة بالبارحة.
روى أبو الحسن المدائني، عن جماعة: أن الإمام محمد بن علي بن عبد الله قال لنا ثلاثة أوقات: موت يزيد بن معاوية ورأس المئة وفتق بإفريقيا فعند ذلك يدعو لنا دعاة ثم يقبل أنصارنا من المشرق حتى ترد خيولهم المغرب.
فلما قتل يزيد بن أبي مسلم بإفريقية، ونقضت البربر، بعث محمد الإمام رجلًا إلى خراسان وأمره أن يدعو إلى الرضا من آل محمد ولا يسمي أحدًا، ثم إنه وجه أبا مسلم وكتب إلى النقباء فقبلوا كتبه، ثم وقع في يد مروان بن محمد كتاب لإبراهيم بن محمد إلى أبي مسلم جواب كتاب، يأمر أبا مسلم بقتل كل من تكلم بالعربية بخراسان.
فقبض مروان على إبراهيم، وقد كان مروان وصف له صفة السفاح التي كان يجدها في