وفي سنة خمس وثلاثين: خرج زياد بن صالح الخزاعي من كبار قواد أبي مسلم عليه، وعسكر بما وراء النهر، وكان قد جاءه عهد بولاية خراسان من السفاح وأن يغتال أبا مسلم إن قدر عليه.
فظفر أبو مسلم برسول السفاح، فقتله، ثم تفلل عن زياد جموعه، ولحقوا بأبي مسلم، فلجأ زياد إلى دهقان، فقتله غيلة، وجاء برأسه إلى أبي مسلم.
وفي سنة ست: بعث أبو مسلم إلى السفاح يستأذنه في القدوم، فأذن له، واستناب على خراسان خالد بن إبراهيم فقدم في هيئة عظيمة فاستأذن في الحج فقال لولا أن أخي حج لوليتك الموسم.
وكان أبو جعفر يقول للسفاح: يا أمير المؤمنين أطعني، واقتل أبا مسلم، فوالله إن في رأسه لغدرة فقال: يا أخي قد عرفت بلاءه وما كان منه، وأبو جعفر يراجعه.
ثم حج أبو جعفر وأبو مسلم، فلما قفلا تلقاهما موت السفاح بالجدري فولي الخلافة أبو جعفر.
وخرج عليه عمه عبد الله بن علي بالشام، ودعا إلى نفسه، وأقام شهودًا بأنه ولي عهد السفاح، وأنه سار لحرب مروان، وهزمه، واستأصله.
فخلا المنصور بأبي مسلم، وقال: إنما هو أنا وأنت، فسر إلى عبد الله عمي، فسار بجيوشه من الأنبار، وسار لحربه عبد الله، وقد خشي أن يخامر عليه الخراسانية، فقتل منهم بضعة عشر ألفًا صبرًا، ثم نزل نصيبين وأقبل أبو مسلم فكاتب عبد الله إني لم أومر بقتالك وإن أمير المؤمنين ولاني الشام وأنا أريدها وذلك من مكر أبي مسلم ليفسد نيات الشاميين.
فقال جند الشاميين لعبد الله: كيف نقيم معك وهذا يأتي بلادنا، فيقتل، ويسبي؟ ولكن نمنعه، عن بلادنا.
فقال لهم: إنه ما يريد الشام، ولئن أقمتم، ليقصدنكم قال: فكان بين الطائفتين القتال مدة خمسة أشهر، وكان أهل الشام أكثر فرسانا، واكمل عدة، فكان على ميمنة عبد الله: الأمير بكار بن مسلم العقيلي، وعلى الميسرة: الأمير حبيب بن سويد الأسدي.
وكان على ميمنة أبي مسلم: الحسن بن قحطبة، وعلى ميسرته: حازم بن خزيمة، وطال الحرب، ويستظهر الشاميون غير مرة، وكاد جيش أبي مسلم أن ينهزم، وأبو مسلم يثبتهم ويرتجز: