مروان بالحمار. وذلك مأخوذ من موت حمار العزير ﵇ وهو مائة عام، ثم بعثهما الله، تعالى.
مولد مروان بالجزيرة، في سنة اثنتين وسبعين، إذ أبوه متوليها، وأمه أم ولد.
وقد افتتح في سنة خمسين ومائة قونية، وولي إمرة الجزيرة، وأذربيجان لهشام، في سنة أربع عشرة ومائة. وقد غزا مرة حتى جاوز نهر الروم، فأغار وسبى في الصقالبة (١).
وكان أبيض، ضخم الهامة، شديد الشهلة، كث اللحية، أبيضها، ربعة، مهيبًا، شديد الوطأة، أديبًا، بليغًا، له رسائل تؤثر.
ومع كمال أدواته لم يرزق سعادة بل اضطربت الأمور، وولت دولتهم بويع بالإمامة في نصف صفر، سنة سبع وعشرين ومائة، ولما سمع بمقتل الوليد في العام الماضي، دعا إلى بيعة من رضيه المسلمون فبايعوه، فلما بلغه موت يزيد الناقص، أنفق الأموال، وأقبل في ثلاثين ألف فارس، فلما وصل إلى حلب، بايعوه. ثم قدم حمص، فدعاهم إلى بيعة ولي العهد: الحكم وعثمان، ابني الوليد بن يزيد، وكانا في حبس الخليفة إبراهيم، فأقبل معه جيش حمص، ثم التقى الجمعان بمرج عذراء، وانتصر مروان، فبرز إبراهيم وعسكر بميدان الحصا، فتفلل جمعه، فتوثب أعوانه، فقتلوا وليي العهد ويوسف بن عمر في السجن وثار شباب دمشق بعبد العزيز بن الحجاج بن عبد الملك فقتلوه لكونه أمر بقتل الثلاثة ثم أخرجوا من الحبس أبا محمد بن عبد الله بن يزيد بن معاوية السفياني ووضعوه على المنبر في قيوده ليبايعوه وبين يديه رأس عبد العزيز فخطب وحض على الجماعة وأذعن بالبيعة لمروان فسمع إبراهيم الخليقة فهرب وآمن مروان الناس.
فأول من سلم عليه بالخلافة أبو محمد السفياني، وأمر بنبش يزيد الناقص، وصلبه. وأما إبراهيم فخلع نفسه، وكتب بالبيعة إلى مروان الحمار فآمنه فسكن بالرقة خاملًا.
قال المدائني: كان مروان عظيم المروءة، محبًا للهو، غير أنه شغل بالحرب، وكان يحب الحركة والسفر.
قال الوزير أبو عبيد الله: قال لي المنصور: ما كان أشياخك الشاميون يقولون؟ قلت: أدركتهم يقولون: إن الخليفة إذا استخلف غفر له ما مضى من ذنوبه فقال: أي والله، وما
(١) الصقالبة: هم جيل من الناس كانت مساكنهم إلى الشمال من شعب البلغار وانتشروا في بلاد شرق أوربا، وهم يسمون الآن: بـ السلاف.