للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ويقال: كان مع رسول الله فرسان؛ على أحدهما: مصعب بن عمير، وعلى الآخر: سعد بن خيثمة. ومرة الزبير بن العوام، والمقداد.

ثم صف رسول الله على الحياض، فلما طلع المشركون قال رسول الله ، فيما زعموا: "اللهم هذه قريش قد جاءت بخيلائها وفخرها تحادك وتكذب رسولك". واستنصر المسلمون الله واستغاثوه، فاستجاب الله لهم.

فنزل المشركون وتعبئوا للقتال، ومعهم إبليس في صورة سراقة المدلجي يحدثهم أن بني كنانة وراءه قد أقبلوا لنصرهم.

قال: فسعى حكيم بن حزام إلى عتبة بن ربيعة فقال: هل لك أن تكون سيد قريش ما عشت؟ قال: فأفعل ماذا؟ قال: تجير بين الناس وتحمل دية بن الحضرمي، وبما أصاب محمد في تلك العير، فإنهم لا يطلبون من محمد غير هذا. قال عتبة: نعم قد فعلت، ونعما قلت، فاسع في عشيرتك فأنا أتحمل بها. فسعى حكيم في أشراف قريش بذلك.

وركب عتبة جملا له، فسار عليه في صفوف المشركين فقال: يا قوم أطيعوني ودعوا هذا الرجل؛ فإن كان كاذبا ولى قتله غيركم من العرب فإن فيهم رجالا لكم فيهم قرابة قريبة، وإنكم إن تقتلوهم لا يزال الرجل ينظر إلى قاتل أخيه أو ابنه أو ابن أخيه أو ابن عمه، فيورث ذلك فيكم إحنا وضغائن. وإن كان هذا الرجل ملكا كنتم في ملك أخيكم. وإن كان نبيا لم تقتلوا النبي فتسبوا بهز ولن تخلصوا إليهم حتى يصيبوا أعدادكم، ولا آمن أن تكون لهم الدبرة عليكم.

فحسده أبو جهل على مقالته: وأبى الله إلا أن ينفذ أمره، وعتبة يومئذ سيد المشركين.

فعمد أبو جهل إلى ابن الحضرمي -وهو أخو المقتول- فقال: هذا عتبة يخذل بين الناس، وقد تحمل بدية أخيك، يزعم أنك قابلها، أفلا تستحيون من ذلك أن تقبلوا الدية؟ وقال لقريش: إن عتبة قد علم أنكم ظاهرون على هذا الرجل ومن معهن وفيهم ابنه وبنو عمه، وهو يكره صلاحكم وقال لعتبة: انتفخ سحرك (١). وأمر النساء أن يعولن عمرا، فقمن يصحن: واعمراه واعمراه؛ تحريضا على القتال.


(١) يقال للجبان الذي ملأ الخوف جوفه انتفخ سحرك وهو الرئة حتى رفع القلب إلى الحلقوم، ومنه قوله تعالى: ﴿وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا﴾ [الأحزاب: ١٠]، وكذلك قوله: ﴿وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْآزِفَةِ إِذِ الْقُلُوبُ لَدَى الْحَنَاجِرِ﴾ [غافر: ١٨]؛ كل هذا يدل على أن انتفاخ السحر مثل لشدة الخوف وتمكن الفزع، وأنه لا يكون من البطنة.

<<  <  ج: ص:  >  >>