للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقال محمد بن يونس الجمال المخرمي -الذي قال فيه ابن عدي: كان عندي ممن يسرق الحديث. قلت: لكن روى عنه مسلم- حدثنا ابن عيينة، قال: حدثنا عمرو، عن عكرمة، عن ابن عباس قال: قدم حيي بن أخطب، وكعب بن الأشرف مكة على قريش فحالفوهم على قتال رسول الله فقالوا لهم: أنتم أهل العلم القديم وأهل الكتاب، فأخبرونا عنا وعن محمد، قالوا: ما أنتم وما محمد؟ قالوا: نحن ننحر الكوماء (١)، ونسقي اللبن على الماء، ونفك العناة، ونسقي الحجيج، ونصل الأرحام قالوا: فما محمد؟ قالوا: صنبور (٢) قطع أرحامنا واتبعه سراق الحجيج بنو غفار قالوا: لا، بل أنتم خير منه وأهدى سبيلا. فأنزل الله: ﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنَ الْكِتَابِ يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ﴾ [النساء: ٥١] الآية.

قال سفيان: كانت غفار سرقة في الجاهلية.

وقال إبراهيم بن جعفر بن محمود بن مسلمة، عن أبيه، عن جابر بن عبد الله، قال: ولحق كعب بن الأشرف بمكة إلى أن قدم المدينة معلنا بمعاداة النبي وهجائه، فكان أول ما خرج منه قوله:

أذاهب أنت لم تحلل بمنقبة … وتارك أنت أم الفضل بالحرم

صفراء رادعة لو تعصر انعصرت … من ذي البوارير والحناء والكتم

إحدى بني عامر هام الفؤاد بها … ولو تشاء شفت كعبا من السقم

(٣) لم أر شمسا قبل طلع … حتى تبدت لنا في ليلة الظلم

وقال:

طحنت رحى بدر لمهلك أهلها

الأبيات.

فقال النبي يوما: "من لكعب بن الأشرف؟ فقد آذانا بالشعر وقوى المشركين علينا". فقال محمد بن مسلمة: أنا يا رسول الله. قال: "فأنت". فقام فمشى ثم رجع فقال: إني قائل. فقال: قل فأنت في حل. فخرج محمد، بعد يوم أو يومين، حتى أتى كعبا وهو في حائط فقال: يا كعب، جئت لحاجة، الحديث.


(١) الكوماء: الناقة المشرفة السنام عاليته.
(٢) الصنبور: الأبتر، لا عقب له.
(٣) بياض بالأصل، وكتب على هامشه: "لعله: أقْسمتُ".

<<  <  ج: ص:  >  >>