للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

والنصارى في بيوتهم قبورًا، وإن البيت ليتلى فيه القرآن، فيتراءى لأهل السماء كما تتراءى النجوم لأهل الأرض" (١).

هذا حديث نظيف الإسناد، حسن المتن، فيه النهي عن الدفن في البيوت، وله شاهد من طريق آخر. وقد نهى -عليه الصلاة السلام- أن يبنى على القبور، ولو اندفن الناس في بيوتهم، لصارت المقبرة والبيوت شيئًا واحد، والصلاة في المقبرة فمنهي عنها نهي كراهية، أو نهي تحريم. وقد قال -عليه الصلاة السلام: "أفضل صلاة الرحل في بيته، إلا المكتوبة" (٢). فناسب ذلك ألا تتخذ المساكن قبورًا.

وأما دفنه في بيت عائشة -صلوات الله عليه وسلامه- فمختص به، كما خص ببسط قطيفة تحته في لحده، وكما خص بأن صلوا عليه فرادى بلا إمام، فكان هو إمامهم حيًّا وميتًا، في الدنيا والآخرة، وكما خص بتأخير دفنه يومين، ويكره تأخير أمته، لأنه هو أمن عليه التغير، بخلافنا ثم إنهم أخروه حتى صلوا كلهم عليه، داخل بيته، فطال لذلك الأمر، ولأنهم ترددوا شطر اليوم الأول في موته، حتى قدم أبو بكر الصديق من السنح، فهذا كان سبب التأخير.

قال أبو إسحاق الجُوزجاني: ابن لهيعة لا نور على حديثه، ولا ينبغي أن يحتج به، ولا أن يعتد به.

البخاري حدثني أحمد بن عبد الله، أخبرنا صدقة بن عبد الرحمن، حدثنا ابن لهيعة، عن مِشْرَح بن هاعان، عن عقبة بن عامر: سمعت رسول الله يقول: "لو تمت البقرة ثلاثمائة آية، لتكلمت" (٣).


(١) ضعيف: آفته ابن لهيعة، فإنه كان سيئ الحفظ، لكن ورد شطره الأول عند البخاري "٤٣٢" و"١١٨٧"، ومسلم "٧٧٧" من طريق عبيد الله، عن نافع، عن ابن عمر، عن النبي قال: "اجعلوا من صلاتكم في بيوتكم ولا تتخذوها قبورا". ومعناه: صلوا فيها ولا تجعلوها كالقبور مهجورة من الصلاة، والمراد به صلاة النافلة، أي صلوا النافلة في بيوتكم.
(٢) صحيح: أخرجه البخاري "٧٣١"، ومسلم "٧٨١" من طريق سالم أبي النضر، عن بسر بن سعيد، عن زيد بن ثابت، به مرفوعا.
(٣) منكر: فيه علتان: الأولى: ابن لهيعة، ضعيف لسوء حفظه. والثانية: مشرح بن هاعان المعافري البصري، أبو مصعب، مجهول، لذا قال الحافظ في "التقريب": مقبول -أي عند المتابعة- وليس ثم من تابعه. ومتن الحديث منكر، وهذا ظاهر لكل من أنعم بصره في دواوين السنة المشرفة وملك طلبُ العلم والتبحرُ فيه شغافَ قلبه.

<<  <  ج: ص:  >  >>