مجلس يسر، قال: كنت غلامًا لزبيدة، وأتي بالليث بن سعد تستفتيه، فكنت واقفًا على رأس ستي زبيدة، خلف الستارة، فسأله الرشيد، فقال له: حلفت إن لي جنتين. فاستحلفه الليث ثلاثًا: إنك تخاف الله? فحلف له، فقال: قال الله: ﴿وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ﴾ [الرحمن: ١٦]. قال: فأقطعه قطائع كثيرة بمصر.
قلت: إن صح هذا، فهذا كان قبل خلافة هارون.
قال محمد بن إبراهيم العبدي: سمعت ابن بكير، يحدث عن يعقوب بن داود وزير المهدي، قال: قال أمير المؤمنين لما قدم الليث العراق: الزم هذا الشيخ، فقد ثبت عندي أنه لم يبق أحد أعلم بما حمل منه.
الفسوي: حدثنا ابن بكير، قال: قال الليث: قال لي أبو جعفر: تلي لي مصر? قلت: لا يا أمير المؤمنين، إني أضعف عن ذلك، إني رجل من الموالي. فقال: ما بك ضعف معي، ولكن ضعفت نيتك في العمل لي.
وحدثنا ابن بكير، قال: قال عبد العزيز بن محمد: رأيت الليث عند ربيعة يناظرهم في المسائل، وقد فرفر أهل الحلقة (١).
أبو إسحاق بن يونس الهروي: حدثنا الدارمي، حدثنا يحيى بن بكير، حدثنا شرحبيل بن جميل، قال: أدركت الناس أيام هشام الخليفة، وكان الليث بن سعد حَدَثَ السن، وكان بمصر عبيد الله بن أبي جعفر، وجعفر بن ربيعة، والحارث بن يزيد، ويزيد بن أبي حبيب، وابن هبيرة، وإنهم يعرفون لليث فضله وورعه وحسن إسلامه عن حداثة سنة. ثم قال ابن بكير: لم أر مثل الليث.
وروى عبد الملك بن يحيى بن بكير، عن أبيه، قال: ما رأيت أحدًا أكمل من الليث.
وقال ابن بكير: كان الليث فقيه البدن، عربي اللسان، يحسن القرآن والنحو، ويحفظ الحديث والشعر، حسن المذاكرة. فما زال يذكر خصالا جميلة، ويعقد بيده، حتى عقد عشرة: لم أر مثله.
ونقل الخطيب في "تاريخه"، عن محمد بن إبراهيم البوشنجي، سمع ابن بكير يقول: أخبرت عن سعيد بن أبي أيوب، قال: لو أن مالكًا والليث اجتمعا، لكان مالك عند الليث أخرس، ولباع الليث مالكًا فيمن يزيد.