وكان أبو جابر من سادة الأنصار شهد بدرا، وهو أحد النقباء ليلة العقبة، وهو عبد الله بن عمرو بن حرام بن ثعلبة بن حرام بن كعب بن غنم بن كعب بن سلمة وأمه الرباب بنت قيس من بني سلمة شهد معه العقبة ولده جابر.
وقال إبراهيم بن سعد عن أبيه، عن جده، قال: أتي ابن عوف بطعام فقال: قتل مصعب بن عمير -وكان خيرا مني- فلم يوجد له إلا بردة يكفن فيها، ما أظننا إلا قد عجلت لنا طيباتنا في حياتنا الدنيا. أخرجه البخاري.
وقال الأعمش عن أبي وائل عن خباب قال: هاجرنا مع رسول الله ﷺ نبتغي وجه الله، فوجب أجرنا على الله فمنا من ذهب لم يأكل من أجره، وكان منهم مصعب بن عمير، قتل يوم أحد، ولم يكن له إلا نمرة، كنا إذا غطينا رأسه خرجت رجلاه، وإذا غطينا رجليه خرج رأسه، فقال رسول الله ﷺ:"غطوا بها رأسه واجعلوا على رجليه من الإذخر". ومنا من أينعت له ثمرته فهو يهدبها. متفق عليه.
وقال يونس، عن ابن إسحاق: حدثني عبد الواحد بن أبي عون، عن إسماعيل بن محمد بن سعد بن أبي وقاص، قال: كانت امرأة من الأنصار من بني دينار قد أصيب زوجها وأخوها يوم أحد فلما نعوا لها قالت: ما فعل رسول الله ﷺ؟ قالوا: خيرا، يا أم فلان. فقالت: أرونيه حتى أنظر إليه فأشاروا لها إليه، حتى إذا رأته قالت: كل مصيبة بعدك جلل؛ أي: هين. ويكون في غير ذا بمعنى عظيم.
وعن أبي برزة أن جليبيبا كان من الأنصار فقال النبي ﷺ ذات يوم لرجل:"زوجني ابنتك" قال: نعم ونعمة عين. قال:"لست أريده لنفسي" قال: فلمن؟ قال:"لجليبيب" قال: حتى أستأمر أمها. فأتاها فأجابت: لرسول الله ﷺ؟ قال: إنما يريد ابنتك لجليبيب. قالت: ألجليبيب؟ لا لعمر الله لا أزوجه فلما قام أبوها ليأتي النبي ﷺ قالت الفتاة من خدرها لأبويها: من خطبني؟ قالا: رسول الله. قالت: أفتردون عليه أمره؟ ادفعوني إلى رسول الله ﷺ فإنه لن يضيعني. فذهب أبوها إلى النبي ﷺ فقال: شأنك بها فزوجها جليبيبا، ودعا لهما. فبينما رسول الله ﷺ في مغزى له قال:"هل تفقدون من أحد"؟. قالوا: نفقد فلانا ونفقد فلانا قال: "لكني أفقد جليبيبا". فاطلبوه، فنظروا فوجدوه إلى جنب سبعة قد قتلهم ثم قتلوه فقال رسول الله ﷺ:"هذا مني وأنا منه قتل سبعة ثم قتلوه". فوضعوه على ساعديه ثم حفروا له، ماله سرير إلا ساعدا رسول الله ﷺ حتى وضعه في قبره. قال ثابت البناني: فما في الأنصار أنفق منها.