للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وروى سفيان بن عبد الملك، عن ابن المبارك، قال: بقية كان صدوقًا، لكنه يكتب عمن أقبل وأدبر.

وقال يحيى بن المغيرة الرازي، عن ابن عيينة: لا تسمعوا من بقية ما كان في سنة، واسمعوا منه ما كان في ثواب وغيره.

قلت: لهذا أكثر الأئمة على التشديد في أحاديث الأحكام، والترخيص قليلا، لا كل الترخيص في الفضائل والرقائق، فيقبلون في ذلك ما ضعف إسناده، لا ما اتهم رواته، فإن الأحاديث الموضوعة، والأحاديث الشديدة الوهن، لا يلتفتون إليها، بل يروونها للتحذير منها، والهتك لحالها، فمن دلسها، أو غطى تبيانها، فهو جان على السنة، خائن لله ورسوله، فإن كان يجهل ذلك، فقد يعذر بالجهل، ولكن سلو أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون (١).

قال أبو معين الرازي، عن يحيى بن معين، قال: كان شعبة مبجلا لبقية حيث قدم بغداد.

عبد الله بن أحمد بن حنبل، قال: سئل أبي عن بقية، وإسماعيل، فقال: بقية أحب إلي، وإذا حدث عن قوم ليسوا بمعروفين، فلا تقبلوه.

قال أحمد بن زهير: سئل ابن معين، عن بقية، فقال: إذا حدث عن الثقات مثل صفوان بن عمرو، وغيره، وأما إذا حدث عن أولئك المجهولين، فلا، وإذا كنى الرجل أو لم يسم اسمه، فليس يساوي شيئًا.


(١) يقول محمد أيمن الشبراوي -عفا الله عنه: حقيق بالذكر أن الأحاديث الضعيفة لا يجوز العمل بها في مجال العقائد والأحكام باتفاق العلماء. أما العمل بالأحاديث الضعيفة في مجال فضائل الأعمال فقد اشترط العلماء للعمل بها ثلاثة شروط: الأول: أن يشهد لهذا الحديث الضعيف أصل من أصول الدين أو قاعدة كلية. الشرط الثاني: أن لا يكون الحديث ضعيفا شديد الضعف فلا يجوز العمل بخبر انفرد به كذاب أو متهم بالكذب. الشرط الثالث: أن لا يعتقد عند العمل به ثبوته بل يعتقد الاحتياط.
أما الأحاديث الشديدة الضعف فلا يجوز العمل بها في العقائد أو الأحكام أو الفضائل باتفاق العلماء.
وقد أنكر جمهرة من العلماء العمل بالأحاديث الضعيفة في فضائل الأعمال مثل البخاري، ومسلم، وداود الظاهري، وابن حزم، وغيرهم من العلماء. وقالوا بأن أحاديث فضائل الأعمال أعمال لها أحكام، ولا تخرج عن الأحكام الخمسة: الواجب، والمندوب، والحرام، والمكروه، والمباح. ففي الصحيح غنية عن الاستدلال بالضعيف من الأحاديث. أما رواية الأحاديث الموضوعة والشديدة الضعف فلا يجوز روايتها إلا على سبيل التحذير منها وهتك أستار كل من رواها من الوضاعين والمتهمين. وقد أجمع علماء السلف والخلف قاطبة على عدم جواز العمل بهاتيك الأحاديث الموضوعة أو الشديدة الضعف لا في مجال العقائد أو الأحكام أو فضائل الأعمال.

<<  <  ج: ص:  >  >>