ورحت أنا إلى الإسكندرية، فبينا أنا أطوف على حصنها، إذا رجل يرمقني، قلت: مالك? قال: أنت المتكلم يوم الجمعة? قلت: نعم قال: صرت فتنة، قالوا: إنك الخضر، دعا فأجيب. قلت: بل أنا العبد الخاطئ. فقدمت مصر، فأقطعني الليث خمسة عشر فدانًا.
أبو داود: حدثنا قتيبة، عن منصور قال: قدمت مصر، وبها قحط، فتكلمت، فبذلوا صدقات كثيرة، فأتى بي الليث، فقال: ما حملك على الكلام بغير أمر؟ قلت أصلحك الله، أعرض عليك، فإن كان مكروهًا، نهيتني. قال: تكلم، فتكلمت. قال: قم، لا يحل أن أسمع هذا وحدي. قال: وأخرج لي جارية، تعد قيمتها ثلاثة مائة دينار وألف دينار، وقال: لا تعلم بها ابني، فتهون عليه.
أبو حاتم: حدثنا سليم بن منصور، حدثنا أبي قال: أعطاني الليث ألف دينار.
وقال علي بن خشرم: سمعت منصورًا يقول: المتكلمون ثلاثة: الحسن البصري، وعون بن عبد الله، وعمر بن عبد العزيز.
وقيل: إن الرشيد لما سمع وعظ منصور، قال: من أين تعلمت هذا? قال: تفل في في رسول الله ﷺ في النوم، وقال لي: يا منصور! قل.
قال أبو العباس السراج: حدثنا أحمد بن موسى الأنصاري، قال: قال منصور بن عمار: حججت، فبت بالكوفة، فخرجت في الظلماء، فإذا بصارخ يقول: إلهي وعزتك، ما أردت بمعصيتي مخالفتك، وعصيت وما أنا بنكالك جاهل، ولكن خطيئة أعانني عليها شقائي، وغرني سترك، فالآن من ينقذني، فتلوت هذه الآية: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا﴾ [التحريم: ٦]. قال فسمعت دكدكة، فلما كان من الغد، مررت هناك، فإذا بجنازة وعجوز تقول: مر البارحة رجل تلا آية، فتفطرت مرارته، فوقع ميتًا.
قال سُليم بن منصور: كتب بشر المريسي إلى أبي: أخبرني عن القرآن. فكتب إليه: عافانا الله وإياك، نحن نرى أن الكلام في القرآن بدعة، تشارك فيها السائل والمجيب، تعاطى السائل ما ليس له، وتكلف المجيب ما ليس عليه، وما أعرف خالقًا إلا الله، وما دونه مخلوق، والقرآن كلام الله، فانته بنفسك وبالمختلفين فيه معك إلى أسمائه التي سماه الله بها، ولا تسم القرآن باسم من عندك، فتكون من الضالين.
قال الكوكبي: حدثنا حريز بن أحمد بن أبي دؤاد، حدثني سلمويه بن عاصم، قال: كتب بشر إلى منصور بن عمار يسأله عن قوله تعالى: ﴿الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى﴾ [طه: ٥]
كيف استوى? فكتب إليه: استواؤه غير محدود، والجواب فيه تكلف، ومسألتك عنه بدعة، والإيمان بجملة ذلك واجب.