قال الواقدي: فحدثني الضحاك بن عثمان، عن عبيد الله بن مقسم، عن جابر، وحدثني هشام بن سعد، عن زيد بن أسلم، عن جابر، قال: وعن مالك، وغيره، عن وهب بن كيسان، عن جابر، قال: قدم قادم بجلب له، فاشترى بسوق النبط، وقالوا: من أين جلبك؟ قال: جئت به من نجد، وقد رأيت أنمارا وثعلبة قد جمعوا لكم جموعا، وأراكم هادين عنهم. فبلغ رسول الله ﷺ قوله، فخرج في أربعمائة من أصحابه -وقيل سبعمائة- وسلك على المضيق ثم أفضى إلى وادي الشقرة، فأقام بها يوما، وبث السرايا، فرجعوا إليه مع الليل وأخبروه أنهم لم يروا أحدا، وقد وطئوا آثارا حديثة. ثم سار النبي ﷺ في أصحابه، حتى أتى محالهم، فإذا ليس فيها أحد، وهربوا إلى الجبال، فهم مطلون على النبي ﷺ. وخاف الناس بعضهم بعضا. وفيها صلى رسول الله ﷺ بأصحابه صلاة الخوف.
وقال عبد الملك بن هشام: وإنما قيل لها ذات الرقاع لأنهم رقعوا فيها راياتهم. قال: ويقال ذات الرقاع شجرة هناك والظاهر أنهما غزوتان.
وقال شعيب، عن الزهري: حدثني سنان بن أبي سنان الدؤلي، وأبو سلمة، عن جابر أنه غزا مع رسول الله ﷺ قبل نجد، فلما قفل قفل معه، فأدركته القائلة في واد كثير العِضَاه، فنزل وتفرق الناس في العضاه يستظلون بالشجر، وقال هو تحت شجرة فعلق بها سيفه، فنمنا نومة، فإذا رسول الله ﷺ يدعونا فأجبناه، فإذا عنده أعرابي جالس، فقال رسول الله ﷺ:"إن هذا اخترط سيفي وأنا نائم، فاستيقظت وهو في يده صلتا، فقال: من يمنعك مني؟ قلت: الله. فشام السيف وجلس". فلم يعاقبه رسول الله ﷺ، وقد فعل ذلك. متفق عليه. وشام: أغمد.
قال أبو عوانة، عن أبي بشر: اسم الأعرابي "غورث بن الحارث".
ثم روى أبو بشر، عن سليمان بن قيس، عن جابر، قال: قاتل رسول الله ﷺ محارب بن خصفة بنخل، فرأوا من المسلمين غرة، فجاء رجل منهم يقال له: غورث بن الحارث، حتى قام على رأس رسول الله ﷺ بالسيف فقال: من يمنعك مني؟ قال:"الله". قال: فسقط السيف من يده فأخذه رسول الله ﷺ فقال: "من يمنعك مني"؟. قال: كن خير آخذ. قال:"تشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله"؟. قال: لا، ولكن أعاهدك على أن لا أقاتلك، ولا أكون مع قوم يقاتلونك. فخلى سبيله فأتى أصحابه وقال: جئتكم من عند خير الناس ثم ذكر صلاة الخوف، وأنه صلى بكل طائفة ركعتين وهذا حديث صحيح إن شاء الله.
وقال البكائي، عن ابن إسحاق: حدثني وهب بن كيسان، عن جابر بن عبد الله، قال:
خرجت مع رسول الله ﷺ إلى غزوة ذات الرقاع من نخل على جمل لي ضعيف، فلما قف رسول الله ﷺ جعلت الرفاق تمضي، وجعلت أتخلف، حتى أدركني رسول الله ﷺ فقال: ما لك يا جابر؟ قلت: يا رسول الله أبطأ بي جملي هذا. قال: أنخه وساق قصة الجمل.