للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الخزرج، وكانت أم حسان من رهطه، وكان حسان من رهطه: والله ما صدقت، ولو كان من الأوس ما أشرت بهذا. فكاد يكون بين الأوس والخزرج شر في المسجد، ولا علمت بشيء منه، ولا ذكره لي ذاكر، حتى أمسيت من ذلك اليوم فخرجت في نسوة لحاجتنا، وخرجت معنا أم مسطح -بنت خالة أبي بكر- فإنا لنمشي ونحن عامدون لحاجتنا، عثرت أم مسطح فقالت: تعس مسطح. فقلت: أي أم، أتسبين ابنك؟ فلم تراجعني. فعادت ثم عثرت، فقالت: تعس مسطح. فقلت: أي أم، أتسبين ابنك صاحب رسول الله ؟ فلم تراجعني. ثم عثرت الثالثة، فقالت: تعس مسطح. فقلت: أي أم، أتسبين ابنك صاحب رسول الله ؟ قالت: والله ما أسبه إلا من أجلك وفيك. فقلت: وفي أي شأني؟ قالت: وما علمت بما كان؟ فقلت: لا، وما الذي كان؟ قالت: أشهد أنك مبرأة مما قيل فيك ثم بقرت لي الحديث، فلأكر راجعة إلى البيت ما أجد مما خرجت له قليلا ولا كثيرا. وركبتني الحمى فحممت فدخل عليَّ رسول الله ، فسألني عن شأني، فقلت: أجدني موعوكة، ائذن لي أذهب إلى أبوي. فأذن لي، وأرسل معي الغلام، فقال: "امش معها". فجئت فوجدت أمي في البيت الأسفل ووجدت أبي يصلي في العلو فقلت لها: أي أمه، ما الذي سمعت؟ فإذا هي لم ينزل بها من حيث نزل مني، فقالت: أي بنية وما عليك، فما من امرأة لها ضرائر تكون جميلة يحبها زوجها إلا وهي يقال لها بعض ذلك. فقلت: وقد سمعه أبي؟ فقالت: نعم. فقلت: وسمعه رسول الله ؟ فقالت: ورسول الله . فبكيت، فسمع أبي البكاء، فقال: ما شأنها؟ فقالت: سمعت الذي تحدث به. ففاضت عيناه يبكي، فقال: أي بنية، ارجعي إلى بيتك، فرجعت وأصبح أبواي عندي حتى إذا صليت العصر دخل رسول الله وأنا بين أبوي، أحدهما عن يميني والآخر عن شمالي، فحمد الله وأثنى عليه بما هو أهله، ثم قال: "أما بعد يا عائشة إن كنت ظلمت أو أخطأت أو أسأت فتوبي وراجعي أمر الله واستغفري". فوعظني، وبالباب امرأة من الأنصار قد سلمت، فهي جالسة بباب البيت في الحجرة وأنا أقول: ألا تستحيي أن تذكر هذا، والمرأة تسمع، حتى إذا قضى كلامه قلت لأبي، وغمزته: ألا تكلمه؟ فقال: وما أقول له؟ والتفت إلى أمي فقلت: ألا تكلمينه؟ فقالت: وماذا أقول له؟ فحمدت الله وأثنيت عليه بما هو أهله ثم قلت: أما بعد فوالله لئن قلت لكم: أن قد فعلت والله يشهد أني لبريئة ما فعلت لتقولن: قد باءت به على نفسها واعترفت به، ولئن قلت: لم أفعل والله يعلم أني لصادقة ما أنتم بمصدقي لقد دخل هذا في أنفسكم واستفاض فيكم، وما أجد لي ولكم مثلا إلا قول أبي يوسف العبد الصالح؛ وما أعرف يومئذ اسمه: ﴿فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ﴾ [يوسف: ١٨].

<<  <  ج: ص:  >  >>