للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقد كنت وقفت على بعض كلام المغاربة في الإمام ، فكانت فائدتي من ذلك تضعيف حال من تعرض إلى الإمام ولله الحمد.

ولا ريب أن الإمام لما سكن مصر، وخالف أقرانه من المالكية ووهى بعض فروعهم بدلائل السنة، وخالف شيخه في مسائل تألموا منه ونالوا منه وجرت بينهم وحشة غفر الله للكل وقد اعترف الإمام سحنون، وقال: لم يكن في الشافعي بدعة فصدق، والله فرحم الله الشافعي، وأين مثل الشافعي والله في صدقه وشرفه ونبله وسعة علمه، وفرط ذكائه ونصره للحق، وكثرة مناقبه رحمه الله تعالى.

قال الحافظ أبو بكر الخطيب في مسألة الاحتجاج بالإمام الشافعي فيما قرأت على أبي الفضل بن عساكر، عن عبد العزيز بن محمد أخبرنا يوسف بن أيوب الزاهد، أخبرنا الخطيب قال: سألني بعض إخواننا بيان علة ترك البخاري الرواية عن الشافعي في الجامع؟ وذكر أن بعض من يذهب إلى رأى أبي حنيفه ضعف أحاديث الشافعي، واعترض بإعراض البخاري عن روايته ولولا ما أخذ الله على العلماء فيما يعلمونه ليبيننه للناس لكان أولى الأشياء الإعراض عن اعتراض الجهال وتركهم يعمهون. وذكر لي من يشار إليه خلو كتاب مسلم، وغيره من حديث الشافعي. فأجبته بما فتح الله لي: ومثل الشافعي من حسد وإلى ستر معالمه قصد ويأبى الله إلَّا أن يتم نوره ويظهر من كل حق مستوره، وكيف لا يغبط من حاز الكمال بما جمع الله له من الخلال اللواتي لا ينكرها إلَّا ظاهر الجهل، أو ذاهب العقل ثم أخذ الخطيب يعدد علوم الإمام ومناقبه، وتعظيم الأئمه له وقال:

أبى الله إلَّا رفعه وعلوه … وليس لما يعليه ذو العرش واضع

إلى أن قال: والبخاري هذب ما في جامعه غير أنه عدل عن كثير من الأصول، إيثارًا للإيجاز قال إبراهيم بن معقل: سمعت البخاري يقول: ما أدخلت في كتابي الجامع إلَّا ما صح، وتركت من الصحاح لحال الطول.

فترك البخاري الاحتجاج بالشافعي، إنما هو لا لمعنى يوجب ضعفه لكن غني عنه بما هو أعلى منه إذ أقدم شيوخ الشافعي: مالك، والدراوردي، وداود العطار، وابن عيينة، والبخاري لم يدرك الشافعي بل لقي من هو أسن منه، كعبيد الله بن موسى، وأبي عاصم ممن رووا عن التابعين، وحدثه عن شيوخ الشافعي عدة، فلم ير أن يروي عن رجل عن الشافعي عن مالك.

<<  <  ج: ص:  >  >>