وقد جمع أبو عمر بن عبد البر شعره، وأخباره تنسك بأخرة، وقال في المواعظ والزهد فأجاد.
وكان أبو نواس يعظمه ويتأدب معه لدينه ويقول: ما رأيته إلَّا توهمت أنه سماوي وأني أرضى.
مدح أبو العتاهية المهدي والخلفاء بعده والوزراء وما أصدق قوله:
إن الشباب والفراغ والجدة … مفسدة للمرء أي مفسدة
حسبك مما تبتغيه القوت … ما أكثر القوت لمن يموت
هي المقادير فلمني أو فذر … إن كنت أخطأت فما أخطا القدر
وهو القائل:
حسناء لا تبتغي حليًا إذا برزت … لأن خالقها بالحسن حلاها
قامت تمشى فليت الله صيرني … ذاك التراب الذي مسته رجلاها
وقال:
الناس في غفلاتهم … ورحى المنية تطحن
وقال:
إذا ما بدت والبدر ليلة تمه … رأيت لها وجهًا يدل على عذري
وتهتز من تحت الثياب كأنها … قضيب من الريحان في ورق خضر
أبى الله إلَّا أن أموت صبابة … بساحرة العينين طيبة النشر
توفي أبو العتاهية: في جمادى الآخرة سنة إحدى عشرة، ومائتين وقيل: سنة ثلاث عشرة ومائتين، وله ثلاث وثمانون سنة أو نحوها ببغداد.
واشتهر بمحبة عتبة فتاة المهدي بحيث إنه كتب إليه هذين البيتين:
نفسي بشيء من الدنيا معلقة … الله والقائم المهدي يكفيها
إني لأيأس منها ثم يطعمني … فيها احتقارك للدنيا وما فيها
فهم بدفعها إليه فجزعت واستعفت وقالت: أتدفعني إلى سوقة قبيح المنظر؟ فعوضه بذهب.