أسد من أهل المغرب سأل محمد بن الحسن عن مسائل ثم سأل ابن وهب فلم يجبه فأتى ابن القاسم فتوسع له، وأجاب بما عنده عن مالك، وبما يراه قال: والناس يتكلمون في هذه المسائل.
قال عبد الرحيم الزاهد: قدم علينا أسد فقلت: بم تأمرني؟ بقول مالك، أو بقول أهل العراق؟ فقال: إن كنت تريد الآخرة فعليك بمالك.
وقيل: نفذت نفقة أسد وهو عند محمد، فكلم فيه الدولة فنفذوا إليه عشرة آلاف درهم.
وقد كان أسد ذا إتقان وتحرير لكتبه لقد بيعت كتب فقيه، فنودي عليها: هذه قوبلت على كتب الإفريقي فاشتروها ورقتين بدرهم.
وعن ابن القاسم أنه قال لأسد: أنا أقرأ في اليوم والليلة ختمتين فأنزل لك عن ختمة يعني: لاشتغاله به.
قال داود بن أحمد: رأيت أسدا يعرض التفسير فقرأ: ﴿إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدْنِي﴾ [طه: ١٤] فقال: ويل أم أهل البدع يزعمون أن الله خلق كلاما يقول: أنا.
قلت: آمنت بالذي يقول: ﴿إِنِّي أَنَا اللَّه﴾ [القصص: ٣٠] وبأن موسى كليمه سمع هذا منه ولكني لا أدري كيف تكلم الله؟.
مضى أسد أميرًا على الغزاة من قبل زيادة الله الأغلبي متولي المغرب فافتتح بلدًا من جزيرة صقلية وأدركه أجله هناك في ربيع الآخر، سنة ثلاث عشرة ومائتين.
وكان مع توسعه في العلم فارسًا بطلًا شجاعًا مقدامًا زحف إليه صاحب صقلية في مائة ألف وخمسين ألفًا قال رجل: فلقد رأيت أسدًا، وبيده اللواء يقرأ سورة يس، ثم حمل بالجيش فهزم العدو ورأيت الدم وقد سال على قناة اللواء وعلى ذراعه.
ومرض وهو محاصر سرقوسية (١).
ولما ولاه صاحب المغرب الغزو قال: قد زدتك الإمرة وهي أشرف، فأنت أمير وقاض.
(١) سرقوسة: أكبر مدينة بجزيرة صقلية كما ذكر ياقوت الحموي في "معجم البلدان".