تعالوا بالغداة فقلنا: لنا مجلس عند حجاج بن منهال. قال: فإذا فرغتم منه؟ قلنا: نأتي حينئذ مسلم بن إيراهيم قال: فإذا فرغتم؟ قلنا: نأتي أبا حذيفة النهدي. قال: فبعد العصر؟ قلنا: نأتي عارمًا أبا النعمان قال: فبعد المغرب؟ فكان يأتينا بالليل فيخرج علينا وعليه كبل (١) ما تحته شيء في الصيف فكان يقرأ علينا في الحر الشديد حينئذ.
قال يحيى بن معين: ما رأيت رجلا يحدث لله إلَّا وكيعا والقعنبي.
قال الحافظ أبو عمرو وأحمد بن محمد الحيري: سمعت أبي يقول: قلت للقعنبي: ما لك لا تروي عن شعبة غير هذا الحديث؟ قال: كان شعبة يستثقلني فلا يحدثني يعني حديث: "إذا لم تستحي فاصنع ما شئت".
والحديث يقع عاليًا في جزء الغطريف لابن البخاري.
قال عبد الله الخريبي -وكان كبير القدر-: حدثني القعنبي عن مالك وهو والله عندي خير من مالك.
قال عمرو بن علي الفلاس: كان القعنبي مجاب الدعوة.
وقال عثمان بن سعيد: سمعت علي بن المديني، وذكر أصحاب مالك فقيل له: معن ثم القعنبي قال: لا بل القعنبي ثم معن.
ويروى عن أبي سبرة المديني قال: قلت للقعنبي: حدثت، ولم تكن تحدث! قال: إني أريت كأن القيامة قد قامت فصيح بأهل العلم فقاموا، وقمت معهم فنودي بي: اجلس فقلت: إلهي! ألم أكن أطلب! قال: بلى، ولكنهم نشروا، وأخفيته قال: فحدثت.
وقال محمد بن عبد الوهاب الفراء: سمعتهم بالبصرة يقولون: عبد الله بن مسلمة من الأبدال.
وقال إسماعيل القاضي: كان القعنبي من المجتهدين في العبادة.
وقال الإمام ابن خزيمة: سمعت نصر بن مرزوق يقول: أثبت الناس في الموطأ: القعنبي وعبد الله بن يوسف بعده.
قال إسماعيل القاضي: كان القعنبي لا يرضي قراءة حبيب فما زال حتى قرأ لنفسه الموطأ على مالك.
(١) الكَبْلُ: الفرو الكبير.