للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

شيئًا ويعرضون قبل المغيب إلى شعب فيه ماء يقال له: ذو قرد، فأرادوا أن يشربوا منه، فأبصروني أعدو وراءهم، فعطفوا عنه وأسندوا في الثنية، ثنية ذي تير، وغربت الشمس، فألحق رجلًا فأرميه فقلت: خذها وأنا ابن الأكوع. قال: فقال: يا ثكل أمي، أكوعي بُكْرَة؟ قلت: نعم يا عدو نفسه، وكان الذي رميته بُكْرة، فأتْبعتُه سهمًا آخر فعلق به سهمان. ويخلفون فرسين فجبذتهما أسوقهما إلى رسول الله وهو على الماء الذي جليتهم عنه ذو قرد؛ فإذا نبي الله في خمس مائة، وإذا بلال قد نحر جزورًا مما خلفت، فهو يشوي لرسول الله . فقلت: يا رسول الله خلني فأنتخبُ من أصحابك مائة واحدة فآخذ على الكفار بالعشوة فلا يبقى منهم مخبر. قال: أكنت فاعلًا يا سلمة؟ قلت: نعم، والذي أكرمك. فضحك رسول الله حتى رأيت نواجذه في ضوء النار. ثم قال: إنهم يُقْرَون الآن بأرض غطفان. فجاء رجل من غطفان فقال: مروا على فلان الغطفاني فنحر لهم جزورًا، فلما أخذوا يكشطون جلدها رأوا غبرة، فتركوها وخرجوا هُرَّابًا.

فلما أصبحنا قال رسول الله : "خير فرساننا اليوم أبو قتادة، وخير رجالتنا سلمة". وأعطاني سهم الراجل والفارس جميعًا. ثم أردفني وراءه على العضباء (١) راجعين إلى المدينة.

فلما كان بيننا وبينها قريبًا من ضحوة، وفي القوم رجل من الأنصار كان لا يسبق، فجعل ينادي: هل من مسابق؟ وكرر ذلك. فقلت له: أما تكرم كريمًا ولا تهاب شريفًا؟ قال: لا، إلا رسول الله . قلت: يا رسول الله بأبي أنت وأمي خلني فلأسابقه. قال: "إن شئت". قلت: أذهب إليك. فطفر عن راحلته، وثنيت رجلي فطفرت عن الناقة. ثم إني ربطت عليه شرفًا أو شرفين؛ يعني استبقيت نفسي (٢)، ثم إني عدوت حتى ألحقه فأصُكّ بين كتفيه بيدي. قلت: سبقتك والله. فضحك وقال: إن أظن حتى قدمنا إلى المدينة.

أخرجه مسلم عن شيخ، عن هاشم (٣).

قرأت على أبي الحسن علي بن عبد الغني الحراني بمصر، وعلي أبي الحسن علي بن أحمد


(١) العضباء: هو لقب ناقة النبي . والعضباء: مشقوقة الأذن، ولم تكن ناقته كذلك، وإنما هو لقب لزمها.
(٢) ربطت عليه شرفًا أو شرفين، يعني استبقيت نفسي: معنى ربطت حبستُ نفسي عن الجري الشديد والشرف: ما ارتفع من الأرض. وقوله: "استبقيت نفسي": أي لئلا يقطعني البهر.
(٣) صحيح: أخرجه مسلم "١٨٠٧" حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، حدثنا هاشم بن القاسم، به.

<<  <  ج: ص:  >  >>