للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وأنكى في الروم. وأخذ عمورية عنوة وأوطأ الروم خوفًا وذلا، وأخذ بثأر الإسلام من الطاغية توفيل بن ميخائيل الذي أغار على زبطرة وملطية، فدخل المعتصم الروم في مائتي ألف مقاتل، وأزيد حتى لقيل: كان في خمس مائة ألف، وصمم على محاصرة قسطنطينية فأتاه ما أزعجه من خروج العباس بن المأمون عليه فظفر بالعباس، وكان العباس بديع الحسن، وكان بليدًا غزا في أيام أبيه الروم، وولي الحزيرة وذهبت منه الخلافة بغيبته ثم نخاه عجيف، وشجعه علي الخروج ووافقه عدة أمراء وعرف المعتصم، فأخذ العباس.

فقيل: غمه بكساء حتى تلف بمنبج. وقيل: إن يحيى بن أكثم نظر إليه فتبسم المأمون، فروى يحيى حديثا في النظر إلى الوجه الحسن فقال المأمون: اتق الله فهذا الحديث كذب.

ولما عظم الأفشين باستئصاله لبابك، طلب نيابة خراسان، وبلغه خروج المازيار، ومحاربته لابن طاهر، فدس من استماله له وقوى عزمه، وخرب المازيار البلاد وقتل وعسف.

ثم جهز المعتصم في سنة أربع وعشرين الأفشين لحربه، وبعث ابن طاهر جيشًا عليهم عمه لحربه أيضًا، وجرت حروب يطول بسطها وقتل المازيار.

وفي سنة خمس: قبض المعتصم على الأفشين، وكان عدوا لابن طاهر، وابن أبي داود فعقراه، وألقيا في ذهن المعتصم أنه يريد قتلك فتهدد كاتبه فاعترف، وقال: أمرني أن أكتب إلى المازيار: إنه لم يبق غيري وغيرك، وجيش الخليفة عند ابن طاهر وما عند الخليفة سواي، فإن هزمت ابن طاهر كفيتك المعتصم، ويخلص لنا الدين الأبيض -يعني المجوسية- وكان يتهم بها. فوهب المعتصم للكاتب ذهبًا، وقال: إن نطقت قتلتك.

وعن ابن أبي داود قال: دخلت عليه، وهو يبكي ويقلق، وقال لي: رجل أنفقت عليه ألفي ألف دينار ويريد قتلي قد تصدقت بعشرة آلاف ألف درهم فخذها ففرقها.

وكان الأفشين قد بعث أموالا له إلى أشروسنة، وهم بالهرب إليها، ثم هيأ دعوة ليسم فيها المعتصم وقواده فإن لم يجئ سم القواد ويذهب إلى أرمينية ومنها إلى أشروسنة فما تهيأ له ذلك، وقبض عليه المعتصم، وعلي ابنه حسن، وأتي بالمازيار أسيرًا.

فقيل: أحضر هو والأفشين وموبذ ملك السغد، ومرزبان عند المعتصم فأحضر اثنان فعريا فإذا أجنابهما عرية من اللحم فقال ابن الزيات للأفشين: يا حيدر تعرفهما؟ قال: نعم هذا مؤذن، وهذا إمام بنيا مسجدًا بأشروسنة ضربتهما ألف سوط؛ لأن بيني

<<  <  ج: ص:  >  >>