قال جعفر النهرواني: سمعت بشر بن الحارث يقول: إن عوج بن عنق كان يخوض البحر، ويحتطب الساج كان أول من دل على الساج، وكان يأخذ من البحر حوتًا فيشويه في عين الشمس (١).
قال إبراهيم الحربي: لو قسم عقل بشر على أهل بغداد صاروا عقلاء.
قلت: قد روى لبشر أبو عبد الرحمن النسائي في مسند علي.
قيل: جاء رجل إلى بشر فقبله، وجعل يقول: يا سيدي أبا نصر فلما ذهب قال بشر لأصحابه: رجل أحب رجلًا على خير توهمه لعل المحب قد نجا، والمحبوب لا يدرى ما حاله.
مات بشر الحافي رحمة الله عليه-: يوم الجمعة في شهر ربيع الأول، سنة سبع، وعشرين ومائتين قبل المعتصم الخليفة بستة أيام وعاش خمسًا وسبعين سنة.
وقد أفرد ابن الجوزي مناقبه في كتاب.
(١) باطل لا أصل له: قال ابن القيم -رحمه الله تعالى- في كتابه "المنار المنيف في الصحيح والضعيف" "ص ٧٦ - ٧٧": من الأمور التي يعرف بها الحديث الموضوع أن يكون الحديث مما تقوم الشواهد الصحيحة على بطلانه، كحديث عوج بن عنق الطويل، الذي قصد واضعه الطعن في أخبار الأنبياء فإنهم يجترؤون على هذه الأخبار، فإن في هذا الحديث: "أن طوله كان ثلاث آلاف ذراع، وثلاث مائة وثلاثة وثلاثين وثلثا، وأن نوحا لما خوفه الغرق، قال له: احملني في قصعتك هذه، وأن الطوفان لم يصل إلى كعبه، وأنه خاض البحر، فوصل إلى حجزه "أي إلى قرب سرته"، وأنه كان يأخذ الحوت من قرار البحر فيشويه في عين الشمس، وأنه قلع صخرة عظيمة على قدر عسكر موسى، وأراد أن يرميهم بها فقورها الله في عنقه مثل الطوق". وليس العجب من جرأة مثل هذا الكذاب على الله، إنما العجب ممن يدخل هذا الحديث في كتب العلم من التفسير وغيره، ولا يبين أمره، وهذا عندهم ليس من ذرية نوح، وقد قال الله تعالى: ﴿وَجَعَلْنَا ذُرِّيَّتَهُ هُمُ الْبَاقِين﴾ [الصافات: ٧٧]، فأخبر أن كل من بقي على وجه الأرض فهو من ذرية نوح، فلو كان لعوج -هذا- وجود لم يبق بعد نوح. ثم يقول ابن القيم "ص ٧٧ - ٧٨": وأيضا فإن النبي ﷺ قال: "خلق الله آدم وطوله في السماء ستون ذراعا، فلم يزل الخلق ينقص حتى الآن" "وهو في الصحيحين"، وأيضا فإن بين السماء والأرض مسيرة خمس مائة عام، وسمكها كذلك، وإذا كانت الشمس في السماء الرابعة فبيننا وبينها هذه المسافة العظيمة، فكيف يصل إليها من طوله ثلاثة آلاف ذراع، حتى يشوي في عينها الحوت؟! ولا ريب أن هذا وأمثاله من وضع زنادقة أهل الكتاب الذين قصدوا السخرية والاستهزاء بالرسل وأتباعهم". وقال الحافظ ابن كثير في "البداية والنهاية" "١/ ١١٤": قصة عوج بن عنق وجميع ما يحكونه عنه هذيان لا أصل له، وهو من مختلقات الزنادقة أهل الكتاب، ولم يكن قط على عهد نوح، ولم يسلم من الغرق من الكفار أحد". ا. هـ.