أنا في جنبة رجل ما يحوجني إلى صلة غيره، ولا آخذ ما علي فيه نقص فلما عاد ابن طاهر، وصله بثلاثين ألف دينار فقال له: أيها الأمير! قد قبلتها، ولكن قد أغنيتني بمعروفك، وبرك عنها وقد رأيت أن أشتري بها سلاحًا، وخيلًا وأوجه بها إلى الثغر ليكون الثواب متوفرًا على الأمير ففعل.
قال عبيد الله بن عبد الرحمن السكري: قال أحمد بن يوسف إما سمعته منه، أو حدثت به عنه قال: لما عمل أبو عبيد كتاب غريب الحديث عرض على عبد الله بن طاهر فاستحسنه، وقال: إن عقلًا بعث صاحبه على عمل مثل هذا الكتاب لحقيق أن لا يحوج إلى طلب المعاش. فأجرى له عشرة آلاف درهم في الشهر.
كذا في هذه الرواية: عشرة آلاف درهم.
وروي غيره بمعناه عن الحارث بن أبي أسامة قال: حمل غريب أبي عبيد إلى ابن طاهر فقال: هذا رجل عاقل، وكتب إلى إسحاق بن إبراهيم بأن يجري عليه في كل شهر خمس مائة درهم. فلما مات ابن طاهر أجرى عليه إسحاق من ماله ذلك، فلما مات أبو عبيد بمكة أجراها على ولده.
وذكر وفاة ابن طاهر هنا وهم؛ لأنه عاش مدة بعد أبي عبيد.
وعن أبي عبيد أنه كان يقول: كنت في تصنيف هذا الكتاب أربعين سنة، وربما كنت أستفيد الفائدة من أفواه الرجال فأضعها في الكتاب فأبيت ساهرًا فرحًا مني بتلك الفائدة، وأحدكم يجيئني فيقيم عندي أربعة أشهر خمسة أشهر فيقول: قد أقمت الكثير.
وقيل: إن أول من سمع الغريب من أبي عبيد: يحيى بن معين.
الطبراني: سمعت عبد الله بن أحمد يقول: عرضت كتاب غريب الحديث لأبي عبيد على أبي فاستحسنه وقال: جزاه الله خيرًا.
ووى ابن الأنباري عن موسى بن محمد أنه سمع عبد الله بن أحمد يقول: كتب أبي غريب الحديث الذي ألفه أبو عبيد أولًا.
قال عبد الله بن محمد بن سيار: سمعت ابن عرعرة يقول: كان طاهر بن عبد الله ببغداد فطمع في أن يسمع من أبي عبيد وطمع أن يأتيه في منزله، فلم يفعل أبو عبيد حتى كان هو يأتيه فقدم علي بن المديني وعباس العبنري، فأرادا أن يسمعا غريب الحديث، فكان يحمل كل يوم كتابه ويأتيهما في منزلهما، فيحدثهما فيه.