للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الله الحديبية، ونحن أربع عشرة مائة، وعليها خمسون شاة ما ترويها، فقعد رسول الله على جباها، فإما دعا وإما بزق فيها فجاشت فسقينا واستقينا. أخرجه مسلم (١).

وقال البكائي: قال ابن إسحاق: حدثني الزهري، عن عروة، عن مسور، ومروان بن الحكم أنهما حدثاه، قالا: خرج رسول الله عام الحديبية يريد زيارة البيت، لا يريد قتالا.

وساق معه الهدي سبعين بدنة، وكان الناس سبع مائة رجل، فكانت كل بدنة عن عشرة نفر.

قال ابن إسحاق: وكان جابر بن عبد الله فيما بلغني يقول: كنا أصحاب الحديبية أربع عشرة مائة.

قلت: قد ذكرنا عن جماعة من الصحابة كقول جابر.

ثم ساق ابن إسحاق حديث الزهري بطوله، وفيه ألفاظ غريبة، منها: وجعل عروة بن مسعود يكلم النبي ، والمغيرة واقف على رأس رسول الله في الحديد. قال: فجعل يقرع يد عروة إذا تناول لحية رسول الله ويقول: اكفف يدك عن لحية رسول الله أن لا تصل إليك. فيقول عروة: ويحك ما أفظك وأغلظك. قال: فتبسم رسول الله . فقال له عروة: من هذا يا محمد؟ قال: "هذا ابن أخيك المغيرة بن شعبة". قال: أي غدر، وهل غسلت سوءتك إلا بالأمس؟

قال ابن هشام: أراد عروة بقوله هذا أن المغيرة قبل إسلامه قتل ثلاثة عشر رجلا من بني مالك بن ثقيف، فتهايج الحيان من ثقيف رهط المقتولين، والأحلاف رهط المغيرة، فودى عروة المقتولين ثلاثة عشر دية، وأصلح الأمر.

وقال ابن لهيعة: حدثنا أبو الأسود، قال عروة: وخرجت قريش من مكة، فسبقوا النبي إلى بلدح وإلى الماء، فنزلوا عليه، فلما رأى رسول الله أنه قد سبق نزل على الحديبية، وذلك في حر شديد وليس بها إلا بئر واحدة، فأشفق القوم من الظمأ وهم كثير، فنزل فيها رجال يميحونها، ودعا رسول الله بدلو من ماء فتوضأ في الدلو ومضمض فاه ثم مج فيه، وأمر أن يصب في البئر، ونزع سهما من كنانته فألقاه في البئر ودعا الله تعالى، ففارت بالماء حتى جعلوا يغترفون بأيديهم منها، وهم جلوس على شفتها. وقد كان النبي سلك على غير الطريق التي بلغه أن قريشا بها.


(١) صحيح: أخرجه مسلم "١٨٠٧" من طريق عكرمة بن عمار، به.
وقوله: "جباها": الجبا ما حول البئر. والركي البئر.
وجاشت: أي ارتفعت وفاضت. وقال: جاش الشيء يجيش جيشانا إذا ارتفع.

<<  <  ج: ص:  >  >>