وعن إسماعيل بن إبراهيم، قال: دخلت على سحنون، وهو يومئذ قاض، وفي عنقه تسبيح يسبح به.
وعن أبي داود العطار قال: باع سحنون زيتونًا له بثمانمائة، فدفعها إليَّ، ففرقتها عنه صدقة.
وقيل: كان إذا قرئت عليه "مغازي ابن وهب"، تسيل دموعه، وإذا قرئ عليه "الزهد" لابن وهب يبكي.
وعن يحيى بن عون، قال: دخلت مع سحنون على ابن القصار، وهو مريض، فقال: ما هذا القلق? قال له: الموت والقدوم على الله. قال له سحنون: ألست مصدقا بالرسل والبعث والحساب والجنة والنار، وأن أفضل هذه الأمة أبو بكر ثم عمر، والقرآن كلام الله غير مخلوق، وأن الله يرى يوم القيامة، وأنه على العرش استوى، ولا تخرج على الأئمة بالسيف، وإن جاروا. قال: إي والله. فقال: مت إذا شئت، مت إذا شئت.
وعن سحنون، قال: كبرنا وساءت أخلاقنا، ويعلم الله ما أصيح عليكم إلا لأؤدبكم.
وعن سحنون، قال: ما عميت علي مسألة إلا وجدت فرجها في كتب ابن وهب.
وقيل: إن طالبًا قال: رأيت في النوم كأن سحنونًا يبني الكعبة، قال: فغدوت إليه، فوجدته يقرأ للناس "مناسك الحج" الذي جمعه.
وقيل: إنه سمع من حفص بن غياث، وإسحاق الأزرق، ووكيع، ويحيى بن سليم الطائفي، وعبد الله بن طليب المرادي، وبهلول بن راشد، وعلي بن زياد التونسي، وعبد الله بن عمر بن غانم الرعيني، وشعيب بن الليث المصري، ومعن القزاز، وأبي ضمرة الليثي، ويزيد بن هارون، وعدة.
قال أبو العرب عمن حدثه: كان الذين يحضرون مجلس سحنون من العباد أكثر من الطلبة، كانوا يأتون إليه من أقطار الأرض، ولما ولي سحنون القضاء بأخرة عوتب، فقال: ما زلت في القضاء منذ أربعين سنة هل الفتيا إلا القضاء?!
قيل: إن الرواة عن سحنون بلغوا تسعمائة.
وأصل المدونة أسئلة سألها أسد بن الفرات لابن القاسم، فلما ارتحل سحنون بها عرضها على ابن القاسم، فأصلح فيها كثيرًا وأسقط، ثم رتبها سحنون، وبوبها، واحتج لكثير من مسائلها بالآثار من مروياته مع أن فيها أشياء لا ينهض دليلها، بل رأي محض.