النصيحة". الذي أنكره النسائي قد رواه يونس بن عبد الأعلى أيضًا، عن ابن وهب، وقد رواه عن مالك محمد بن خالد بن عثمة. قال: وأحمد بن صالح من أجلة الناس، وذاك أني رأيت جمع أبي موسى الزمن، في عامة ما جمع من حديث الزهري يقول: كتب إلي أحمد بن صالح: حدثنا عبد الرزاق، عن معمر، عن الزهري، ولولا أني شرطت، في كتابي هذا أن أذكر فيه كل من تكلم، فيه متكلم لكنت أجل أحمد بن صالح أن أذكره.
قال أبو عمرو الداني، عن مسلمة بن القاسم: الناس مجمعون على ثقة أحمد بن صالح لعلمه وخيره وفضله، وإن أحمد بن حنبل وغيره وكتبوا عنه، ووثقوه، وكان سبب تضعيف النسائي له أن أحمد بن صالح كان لا يحدث أحدًا حتى يشهد عنده رجلان من المسلمين أنه من أهل الخير والعدالة، فكان يحدثه ويبذل له علمه، وكان يذهب في ذلك مذهب زائدة بن قدامة، فأتى النسائي ليسمع منه، فدخل بلا إذن، ولم يأته برجلين يشهدان له بالعدالة، فلما رآه في مجلسه، أنكره، وأمر بإخراجه، فضعفه النسائي لهذا.
وقال الخطيب: احتج سائر الأئمة بحديث ابن صالح سوى النسائي، فإنه ترك الرواية عنه، وكان يطلق لسانه فيه، وليس الأمر على ما ذكر النسائي. ويقال: كان فيه الكبر، وشراسة الخلق، ونال النسائي منه جفاء في مجلسه، فذلك الذي أفسد الحال بينهما.
وقد ذكر ابن حبان أحمد بن صالح في الثقات، وما أورده في الضعفاء فأحسن، ولكن ذكر في الضعفاء أحمد بن صالح المكي الشمومي، وكذبه، وادعى أنه هو الذي حط عليه ابن معين، وقصد أن ينزه ابن معين عن الوقيعة في مثل أحمد بن صالح الطبري الحافظ.
قال عبد الله بن محمد بن سيار: أخبرنا بندار قال: كتبت إلى أحمد بن صالح بخمسين ألف حديث -أي إجازة- وسألته أن يجيز لي، أو يكتب إليَّ بحديث مخرمة بن بكير، فلم يكن عنده من المروءة ما يكتب بذلك إليَّ.
قال الخطيب: بلغني أن أحمد بن صالح كان لا يحدث إلا ذا لحية، ولا يترك أمرد يحضر مجلسه، فلما حمل أبو داود السجستاني إليه ابنه ليسمع منه -وكان إذا ذاك أمرد- أنكر أحمد بن صالح على أبي داود إحضاره. فقال أبو داود: هو -وإن كان أمرد- أحفظ من أصحاب اللحى، فامتحنه بما أردت. فسأله عن أشياء أجابه ابن أبي داود عن جميعها، فحدثه حينئذ، ولم يحدث أمرد غيره.
قال: وكان أحد حفاظ الأثر، عالمًا بعلل الحديث، بصيرًا باختلافه، ورد بغداد قديمًا، وجالس بها الحفاظ، وجرت بينه، وبين أحمد بن حنبل مذاكرات، وكان أبو عبد الله يذكره،