من يضرب به المثل في الحلم والدراية والحفظ والعبادة والزهادة، أظهر علم الحديث والآثار بسمرقند، وذب عنها الكذب، وكان مفسرًا كاملا، وفقيهًا عالمًا.
وقال أبو حاتم بن حبان: كان الدارمي من الحفاظ المتقنين، وأهل الورع في الدين ممن حفظ وجمع، وتفقه، وصنف، وحدث، وأظهر السنة ببلده، ودعا إليها، وذب عن حريمها، وقمع من خالفها.
وقال أبو بكر الخطيب: كان أحد الرحالين، في الحديث، والموصوفين بحفظه وجمعه، والإتقان له مع الثقة والصدق، والورع والزهد، واستقضي على سمرقند، فأبى، فألح السلطان عليه حتى يقلده، وقضى قضية واحدة، ثم استعفى، فأعفي، وكان على غاية العقل، ونهاية الفضل، يضرب به المثل في الديانة والحلم والرزانة، والاجتهاد والعبادة، والزهادة والتقلل، وصنف "المسند" و"التفسير" و"الجامع".
قال إسحاق بن إبراهيم الوراق: سمعت عبد الله بن عبد الرحمن يقول: ولدت في سنة مات ابن المبارك سنة إحدى وثمانين ومائة.
وقال أحمد بن سيار المروزي الحافظ: كان الدارمي حسن المعرفة قد دون "المسند"، و"التفسير".
مات في سنة خمس وخمسين ومائتين يوم التروية بعد العصر، ودفن يوم عرفة يوم الجمعة، وهو ابن خمس وسبعين سنة.
وقال الحافظ مكي بن محمد بن أحمد بن ماهان البلخي تلميذه في تاريخ وفاته نحو ذلك، ووهم من قال: وفاته في سنة خمسين، فقد أرخه جماعة على الأول.
قال إسحاق بن أحمد بن خلف: كنا عند محمد بن إسماعيل البخاري، فورد عليه كتاب فيه نعي عبد الله بن عبد الرحمن، فنكس رأسه، ثم رفع، واسترجع، وجعل تسيل دموعه على خديه، ثم أنشأ يقول:
إن تبق تفجع بالأحبة كلهم … وفناء نفسك لا أبا لك أفجع
ثم قال إسحاق: ما سمعناه ينشد إلا يجيء في الحديث.
قلت: قد كان الدارمي ركنًا من أركان الدين، قد وثقه أبو حاتم الرازي والناس، وحدث عنه بندار والكبار، وبلغنا عن أحمد بن حنبل، وذكر الدارمي، فقال: عرضت عليه الدنيا، فلم يقبل.