للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

منه خالد بن الوليد، فأتيته فقلت: أما علمت أن رسول الله قضى بالسلب للقاتل؟ قال: بلى، ولكني استكثرته. قلت: لتردنه أو لأعرفنكها عند رسول الله . قال: فاجتمعنا، فقصصت على رسول الله القصة، فقال لخالد: "ما حملك على ما صنعت"؟ قال: استكثرته. قال: "رد عليه ذلك". فقلت: دونك يا خالد، ألم أقل لك؟ فقال رسول الله: "ما ذاك"؟ فأخبرته. قال: فغضب وقال: "يا خالد لا ترده عليه. هل أنتم تاركوا لي أمرائي، لكم صفوة أمرهم وعليهم كدره" (١).

وقال الواقدي: حدثني محمد بن مسلم، عن يحيى بن أبي يعلى، قال: سمعت عبد الله بن جعفر يقول: أنا أحفظ حين دخل رسول الله على أمي، فنعى لها أبي، فأنظر إليه وهو يمسح على رأسي ورأس أخي، وعيناه تهراقان الدموع، ثم قال: "اللهم إن جعفرا قد قدم إليك إلى أحسن ثواب، فاخلفه في ذريته بأحسن ما خلفت أحدا من عبادك في ذريته". ثم قال: "يا أسماء، ألا أبشرك"؟ قالت: بلي، بأبي أنت وأمي. قال: "إن الله جعل لجعفر جناحين يطير بهما في الجنة". قالت: فأعلم الناس ذلك. وذكر الحديث.

وقال الواقدي: حدثني سليمان بن بلال، قال: حدثني عبد الله بن محمد بن عقيل، عن جابر بن عبد الله، قال: أصيب بها ناس من المسلمين، وغنم المسلمون بعض أمتعة المشركين.

فكان مما غنموا خاتم جاء به رجل إلى رسول الله ، قال: قتلت صاحبه يومئذ، فنفله رسول الله إياه.

وقال عوف بن مالك الأشجعي: لقيناهم في جماعة من قضاعة وغيرهم من نصارى العرب، فصافوا، فجعل رجل من الروم يشتد على المسلمين، فجعلت أقول في نفسي: من لهذا؟ وقد رافقني رجل من أمداد حمير، ليس معه إلا السيف، إذ نحر رجل جزورا فسأله


(١) صحيح: أخرجه مسلم "١٧٥٣" من طريق عبد الله بن وهب، أخبرني معاوية بن صالح عن عبد الرحمن بن جبير، عن أبيه، عن عوف بن مالك، به.
وقوله: "لكم صفوة أمرهم وعليهم كدره": أي فصفوه لكم، يعني الرعية، وكدره عليهم يعني على الأمراء. قال أهل اللغة: الصفو، هنا بفتح الصاد لا غير، وهو الخالص، فإذا ألحقوه الهاء فقالوا الصفوة -كانت الصاد مضمومة ومفتوحة ومكسورة ثلاث لغات. ومعنى الحديث: أن الرعية يأخذون صفو الأمور فتصلهم أعطياتهم بغير نكد. وتبتلى الولاة بمقاساة الأمور وجمع الأموال من وجوهها، وصرفها في وجوهها، وحفظ الرعية، والشفقة عليهم والذب عنهم وإنصاف بعضهم من بعض، ثم متى وقع شيء أو عتب في بعض ذلك، توجه على الأمراء دون الناس.
"مؤتة": بالهمز وترك الهمز. وهي قرية معروفة في طرف الشام عند الكرك.

<<  <  ج: ص:  >  >>