للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

حدثه، قال: انطلقت في المدة التى كانت بيني وبين رسول الله Object؛ فبينا أنا بالشام. فذكر حديث إبراهيم.

ورواه يونس بن بكير، عن ابن إسحاق، عن الزهري بسنده. وفيه قال أبو سفيان: فلما كانت هدنة الحديبية بيننا وبين النبي Object خرجت تاجرًا إلى الشام. فوالله ما علمت بمكة امرأة ولا رجلا إلا قد حملني بضاعة. فقدمت غزة، وذلك حين ظهر قيصر على من كان ببلاده من الفرس، فأخرجهم منها. ورد عليه صليبه الأعظم، وكان منزله بحمص فخرج منها متشكرا إلى بيت المقدس، تبسط له البسط وتطرح له عليها الرياحين. حتى انتهى إلى إيلياء، فصلى بها. فأصبح ذات غداة مهموما يقلب طرفه إلى السماء، فقالت له بطارقته: أيها الملك، لقد أصبحت مهموما. فقال: أجل. قالوا: وما ذاك؟ قال: أريت في هذه الليلة أن ملك الختان ظاهر. فقالوا: والله ما نعلم أمة من الأمم تختتن إلا يهود، وهم تحت يدك وفي سلطانك، فإن كان قد وقع هذا في نفسك منهم، فابعث في مملكتك كلها فلا يبقى يهودي إلا ضربت عنقه فتستريح من هذا الهم.

فبينما هم في ذلك؛ إذ أتاهم رسول صاحب بصرى برجل من العرب قد وقع إليهم.

فقال: أيها الملك هذا رجل من العرب من أهل الشاء والإبل، يحدثك عن حدث كان ببلاده، فسله عنه. فلما انتهى إليه قال لترجمانه: سله ما هذا الخبر الذي كان في بلاده؟ فسأله فقال: هو رجل من قريش خرج يزعم أنه نبي، وقد تبه أقوام وخالفه آخرون، فكانت بينهم ملاحم، فقال: جردوه. فإذا هو مختون فقال: هذا والله الذي أريت، لا ما تقولون. ثم دعا صاحب شرطته فقال له: قلب لي الشام ظهرا وبطنا حتى تأتي برجل من قوم هذا أسأله عن شأنه. فوالله إني وأصحابي لبغزة إذ هجم علينا فسألنا: ممن أنتم؟ أخبرناه. فساقنا إليه جميعا. فلما انتهينا إليه -قال أبو سفيان: فوالله ما رأيت من رجل قط أزعم أنه كان أدهى من ذلك الأغلف (١) -يعني هرقل- فلما انتهينا إليه قال: أيكم أمس به رحما؟ فقلت: أنا. قال: أدنوه. وساق الحديث، ولم يذكر فيه كتابًا وفيه كما ترى أشياء عجيبة ينفرد بها ابن إسحاق دون معمر وصالح.

وقال يونس، عن ابن إسحاق: حدثني الزهري، قال: حدثني أسقف من النصارى قد أدرك ذلك الزمان، قال: لما قدم دحية بن خليفة على هرقل بالكتاب، وفيه:

"بسم الله الرحمن الرحيم، من محمد رسول الله إلى هرقل عظيم الروم: سلام على من


(١) الأغلف: أي عليه غشاء عن سماع الحق وقبوله.

<<  <  ج: ص:  >  >>