ثم أخذ بلخ ونيسابور، وأسر متوليها ابن طاهر في ستين نفسًا من آله وقصد جرجان فهزم المعتز عليها الحسن بن زيد العلوي، وغنم منه ثلاث مائة حمل مال وأخذ آمل ثم التقاه العلوي فهزم يعقوب ثم دخل جرجان فظلم، وعسف فجاءت زلزلة قتلت من جنده ألفين.
واستغاث جماعة جرجانيون ببغداد من يعقوب فعزم المعتمد على حربه ونفذ كتبًا إلى أعيان خراسان، وبذم يعقوب وبأن يهتموا لاستئصاله فكاتب المعتمد يخضع ويراوغ، ويطلب التقليد بتوليه المشرق ففعل المعتمد ذاك، وأخوه الموفق لاشتغالهم بحرب الزنج.
وأقبل يعقوب ليملك العراق، وبرز المعتمد فالتقى الجمعان بدير العاقول، وكشف الموفق الخوذة، وحمل وقال: أنا الغلام الهاشمي، وكثرت القتلى فانهزم يعقوب وجرح أمراؤه وذهبت خزائنه، وغرق منهم خلق في نهر.
وقال أبو الساج ليعقوب: ما رأيت منك شيئًا من تدبير الحرب، فكيف غلبت الناس? فإنك تركت ثقلك، وأسراءك أمامك، وقصدت بلدًا على جهل منك بأنهاره ومخائضه، وأسرعت وأحوال جندك مختلة? قال: لم أظن أني محارب، ولم أشك في الظفر.
قال أبو الفرج الأصبهاني: لم تزل كتب يعقوب تصل إلى المعتمد بالمراوغة، ويقول: عرفت أن نهوض أمير المؤمنين ليشرفني، ويتلقاني والمعتمد يبعث يحثه على الانصراف فما نفع ثم عبأ المعتمد جيوشه، وشقوا المياه على الطرق فكان ذلك سبب كسرتهم وتوهم الناس أن انهزامه مكيدة فما تبعوه، وخلص ابن طاهر فجاء في قيده إلى بين يدي المعتمد، وكان بعض جيوش يعقوب نصارى وكان المصاف في رجب سنة فذهب يعقوب إلى، واسط ثم إلى تستر فأخذها، وتراجع جيشه وعظمت وطأته وكاد أن يملك الدنيا ثم كان موته بالقولنج، ووصفت له حقنة فأبى وتلف بعد أسبوعين وكان المعتمد قد بعث إليه رسولًا يترضاه، ويتألفه وكان العلوي صاحب جرجان يسميه: يعقوب السندان من ثباته وقل أن رئي متبسمًا.