للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ودخل رسول الله في أخريات الناس، ونادى مناد: من أغلق عليه داره وكف يده فإنه آمن. وكان النبي نازلًا بذي طوى، فقال: "كيف قال حسان"؟ فقال رجل من أصحابه: قال:

عدمت بنيتي إن لم تروها … تثير النقع من كنفي كداء

فأمرهم فأدخلوا الخيل من حيث قال حسان. فأدخلت من ذي طوى من أسفل مكة.

واستحر القتل ببني بكر. فأحل الله له مكة ساعة من نهار، وذلك قوله -تعالى: ﴿لا أُقْسِمُ بِهَذَا الْبَلَدِ، وَأَنْتَ حِلٌّ بِهَذَا الْبَلَدِ﴾ [البلد: ١، ٢]، فقال رسول الله : "ما أحلت الحرمة لأحد قبلي ولا بعدي، ولا أحلت لي إلا ساعة من نهار".

ونادى أبو سفيان بمكة: أسلموا تسلموا فكفهم الله عن عباس.

فأقبلت هند فأخذت بلحية أبي سفيان، ثم نادت: يا آل غالب اقتلوا الشيخ الأحمق.

قال: أرسلي لحيتى، فأقسم لئن أنت لم تسلمى لتضربن عنقك ويلك جاءنا بالحق ادخلي بيتك واسكتي.

ودخل رسول الله فطاف سبعا على راحلته.

وفر صفوان بن أمية عامدا للبحر، وفر عكرمة عامدا لليمن، وأقبل عمير بن وهب إلى رسل الله فقال: يا نبي الله آمن صفوان فقد هرب، وقد خشيت أن يهلك نفسه، فأرسلني إليه بأمان فإنك قد آمنت الأحمر والأسود، فقال: "أدركه فهو آمن". فطلبه عمير فأدركه ودعاه فقال: قد آمنك رسول الله . فقال صفوان: والله لا أوقن لك حتى أرى علامة بأماني أعرفها. فرجع فأعطاه النبي برد حبرة كان معتجرا به حين دخل مكة، فأقبل به عمير، فقال صفوان: يا رسول الله، أعطيتني ما يقول هذا من الأمان؟ قال: "نعم". قال: اجعل لي شهرا، قال: "لك شهران، لعل الله أن يهديك".

واستأذنت أم حكيم بنت الحارث بن هشام وهي يومئذ مسلمة، وهي تحت عكرمة بن أبي جهل، فاستأذنت رسول الله في طلب زوجها، فأذن لها وآمنه، فخرجت بعبد لها رومي فأرادها عن نفسها، فلم تزل تمنيه وتقرب له حتى قدمت على ناس من عك فاستعانتهم عليه فأوثقوه، فأدركت زوجها ببعض تهامة وقد ركب في السفينة، فلما جلس فيها نادى باللات والعزى. فقال أصحاب السفينة: لا يجوز ههنا من دعاء بشيء إلا الله وحده مخلصا، فقال عكرمة: والله لئن كان في البحر، إنه لفي البر وحده، أقسم بالله لأرجعن إلى محمد، فرجع عكرمة مع امرأته، فدخل على رسول الله فبايعه، وقبل منه.

<<  <  ج: ص:  >  >>