للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

"سفيان، ألم يأن لك أن تعلم أنه لا إلا الله"؟ فقال: بأبي وأمي ما أوصلك وأكرمك، والله لقد ظننت أن لو كان مع الله غيره لقد أغنى شيئا بعد. فقال: "ويحك أولم يأن لك أن تعلم أني رسول الله"؟ قال: بأبي أنت وأمي ما أوصلك وأحلمك وأكرمك، أما هذه فإن في النفس منها شيئا. قال العباس: فقلت: ويلك تشهد شهادة الحق قبل، والله، أن تضرب عنقك. فتشهد.

فقال رسول الله حين تشهد: "انصرف به يا عباس فاحبسه عند حطم الجبل بمضيق الوادي، حتى تمر عليه جنود الله".

فقلت له: إن أبا سفيان يا رسول الله رجل يحب الفخر، فاجعل له شيئا يكون له في قومك. فقال: "نعم، من دخل دار أبي سفيان فهو آمن، ومن دخل المسجد فهو آمن، ومن أغلق بابه فهو آمن". فخرجت به حتى حبسته عند حطم الجبل بمضيق الوادي، فمرت عليه القبائل، فيقول: من هؤلاء يا عباس؟ فأقول: سليم. فيقول: ما لي ولسليم. وتمر به القبيلة فيقول: من هذه؟ فأقول: أسلم. فيقول ما لي ولأسلم. وتمر جهينة. حتى مر رسول الله في كتيبته الخضراء من المهاجرين والأنصار، في الحديد، لا يرى منهم إلا الحدق. فقال يا أبا الفضل من هؤلاء؟ فقلت: هذا رسول الله في المهاجرين والأنصار، فقال: يا أبا الفضل، لقد أصبح ملك ابن أخيك عظيما. فقلت: ويحك، إنها النبوة. قال: فنعم إذن.

قلت: الحق الآن بقومك فحذرهم. فخرج سريعا حتى جاء مكة، فصرخ في المسجد: يا معشر قريش؛ هذا محمد قد جاءكم بما لا قبل لكم به. فقالوا: فمه؟ قال: "من دخل داري فهو آمن". قالوا: وما دارك، وما تغني عنا؟ قال: "من دخل المسجد فهو آمن، ومن أغلق داره عليه فهو آمن".

هكذا رواه بهذا اللفظ ابن إسحاق، عن حسين بن عبد الله بن عبيد الله بن عباس، عن عكرمة، عن ابن عباس موصولا، وأما أيوب السختياني فأرسله. وقد رواه ابن إدريس، عن ابن إسحاق، عن الزهري، عن عبيد الله، عن ابن عباس بمعناه.

وقال عروة: أخبرني نافع بن جبير بن مطعم، قال: سمعت العباس يقول للزبير: يا أبا عبد الله، ههنا أمرك رسول الله أن تركز الراية. قال: وأمر رسول الله يومئذ خالد بن الوليد أن يدخل مكة من كداء. ودخل النبي من كداء، فقتل من خيل خالد يومئذ رجلان: جيش بن الأشعر، وكرز بن جابر الفهري.

وقال الزهري، وغيره: أخفى الله مسير النبي على أهل مكة، حتى نزل بمر الظهران.

وفي مغازي موسى بن عقبة أن النبي قال لخالد بن الوليد: "لم قاتلت، وقد نهيتك

<<  <  ج: ص:  >  >>