فما أقل من تجد من يحسن هذا وربما أشك في شيء أو يتخالجني في حديث فإلى أن ألتقي معك لا أجد من يشفيني منه قال أبي: وكذلك كان أمري.
صالح بن أحمد الحافظ: حدثنا القاسم بن أبي صالح سمعت أبا حاتم يقول: قال لي أبو زرعة: ترفع يديك في القنوت قلت: لا فترفع أنت قال: نعم قلت: فما حجتك قال: حديث ابن مسعود قلت: رواه ليث بن أبي سليم قال: فحديث أبي هريرة قلت: رواه ابن لهيعة قال: حديث ابن عباس قلت: رواه عوف قال: فما حجتك في تركه قلت: حديث أنس بن مالك: أن رسول الله ﷺ كان لا يرفع يديه في شيء من الدعاء إلا في الاستسقاء فسكت.
وقال ابن أبي حاتم في اول كتاب الجرح والتعديل له: سمعت أبي يقول: جاءني رجل من جلة أصحاب الرأي من أهل الفهم منهم ومعه دفتر فعرضه علي فقلت في بعضه: هذا حديث خطأ قد دخل لصاحبه حديث في حديث وهذا باطل وهذا منكر وسائر ذلك صحاح فقال: من أين علمت أن ذاك خطأ وذاك باطل وذاك كذب أأخبرك راوي هذا الكتاب بأني غلطت أو بأني كذبت في حديث كذا قلت: لا ما أدري هذا الجزء من راويه غير أني أعلم أن هذا الحديث خطأ وأن هذا باطل فقال: تدعي الغيب قلت: ما هذا ادعاء غيب قال: فما الدليل على ما قلت قلت: سئل عما قلت من يحسن مثل ما أحسن فأن اتفقنا علمت أنا لم نجازف ولم نقله إلا بفهم قال: ويقول أبو زرعة كقولك قلت: نعم قال: هذا عجب قال: فكتب في كاغد ألفاظي في تلك الاحاديث ثم رجع إلي وقد كتب ألفاظ ما تكلم به أبو زرعة في تلك الأحاديث فقال: ما قلت أنه كذب قال أبو زرعة: هو باطل قلت: الكذب والباطل واحد قال: وما قلت: أنه منكر قال: هو منكر كما قلت وما قلت: أنه صحيح قال: هو صحيح ثم قال: ما أعجب هذا تتفقان من غير مواطأة فيما بينكما قلت: فعند ذلك علمت أنا لم نجازف وأنا قلنا بعلم ومعرفة قد أوتيناه والدليل على صحة ما نقوله أن ديناراً بهرجاً يحمل إلى الناقد فيقول: هذا بهرج فأن قيل له: من أين قلت: أن هذا بهرج هل كنت حاضراً حين بهرج هذا الدينار قال: لا وأن قيل: أخبرك الذي بهرجه قال: لا قيل: فمن أين قلت قال: علماً رزقته وكذلك نحن رزقنا معرفة ذلك وكذلك إذا حمل إلى جوهري فص ياقوت وفص زجاج يعرف ذا من ذا ويقول كذلك وكذلك نحن رزقنا علماً لا يتهيأ له أن نخبرك كيف علمنا بأن هذا كذب او هذا منكر فنعلم صحة الحديث بعدالة ناقليه وأن يكون كلاماً يصلح أن يكون كلام النبوة ونعرف سقمه وأنكاره بتفرد من لم تصح عدالته.