الحديث قصتي معه فكان يناولني الحديث مناولة ويقرؤه علي وأقرؤه عليه واعتللت في خلق معه ذكر الحكاية بطولها.
نقلها القاسم بن بشكوال في بعض تآليفه ونقلتها أنا من خط شيخنا أبي الوليد بن الحاج وهي منكرة وما وصل ابن مخلد إلى الإمام أحمد إلا بعد الثلاثين ومئتين وكان قد قطع الحديث من أثناء سنة ثمان وعشرين وما روى بعد ذلك ولا حديثاً واحداً إلى أن مات ولما زالت المحنة سنة اثنتين وثلاثين وهلك الواثق واستخلف المتوكل وأمر المحدثين بنشر أحاديث الرؤية وغيرها امتنع الإمام أحمد من التحديث وصمم على ذلك ما عمل شيئاً غير أنه كان يذاكر بالعلم والأثر وأسماء الرجال والفقه ثم لو كان بقي سمع منه ثلاث مئة حديث لكان طرز بها مسنده وافتخر بالرواية عنه فعندي مجلدان من مسنده وما فيهما عن أحمد كلمة.
ثم بعدها حكاية أنكر منها فقال: نقلت من خط حفيده عبد الرحمن ابن أحمد بن بقي حدثني أبي أخبرتني أمي أنها رأت أبي مع رجل طوال جداً فسألته عنه فقال: أرجو أن تكوني امرأة صالحة ذاك الخضر ﵇.
ونقل عبد الرحمن هذا عن جده اشياء الله أعلم بصحتها ثم قال: كان جدي قد قسم أيامه على أعمال البر: فكان إذا صلى الصبح قرأ حزبه من القرآن في المصحف سدس القرآن وكان أيضاً يختم القرآن في الصلاة في كل يوم وليلة ويخرج كل ليلة في الثلث الأخير إلى مسجده فيختم قرب انصنداع الفجر وكان يصلي بعد حزبه من المصحف صلاة طويلة جداً ثم ينقلب إلى داره وقد اجتمع في مسجده الطلبة فيجدد الوضوء ويخرج اليهم فإذا أنقضت الدول صار إلى صومعة المسجد فيصلي إلى الظهر ثم يكون هو المبتديء بالأذان ثم يهبط ثم يسمع إلى العصر ويصلي ويسمع وربما خرج في بقية النهار فيقعد بين القبور يبكي ويعتبر فإذا غربت الشمس أتى مسجده ثم يصلي ويرجع إلى بيته فيفطر وكان يسرد الصوم إلا يوم الجمعة ويخرج إلى المسجد فيخرج إليه جيرانه فيتكلم معهم في دينهم ودنياهم ثم يصلي العشاء ويدخل بيته فيحدث أهله ثم ينام نومة قد أخذتها نفسه ثم يقوم هذا دأبه إلى أن توفي وكان جلداً قوياً على المشي قد مشى مع ضعيف في مظلمة إلى إشبيلية ومشى مع آخر إلى إلبيرة ومع امرأة ضعيفة إلى جيان.
قلت: وهم بعض الناس وقال: مات سنة ثلاث وسبعين ومئتين. بل الصواب أنه توفي لليلتين بقيتا من جمادى الآخرة سنة ست وسبعين ومئتين ورخه عبد الله بن يونس وغيره.