ولكن إذا قيل: كيف يضحك؟ وكيف وضع قدمه؟ قلنا: لا نفسر هذا، ولا سمعنا أحدا يفسره.
فعقب الذهبي "٨/ ٥٠٨ - (٥٠٩) " بقوله:
قلت: قد فسر علماء السلف المهم من الألفاظ وغير المهم، وما أبقوا ممكنا، وآيات الصفات وأحاديثها لم يتعرضوا لتأويلها أصلا، وهي أهم الدين، فلو كان تأويلها سائغا أو حتما، لبادروا إليه، فعلم قطعا أن قراءتها وإمرارها على ما جاءت هو الحق، ولا تفسير لها غير ذلك، فنؤمن بذلك، ونسكت اقتداء بالسلف، معتقدين أنها صفات الله -تعالى- استأثر الله بعلم حقائقها، ولأنها لا تشبه صفات المخلوقين، كما أن ذاته المقدسة لا تماثل ذوات المخلوقين، فالكتاب والسنة نطق بها، والرسول ﷺ بلغ، وما تعرض لتأويل مع كون الباري قال: ﴿لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ﴾ [النحل: ٤٤]، فعلينا الإيمان والتسليم للنصوص، والله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم.
وقال في "السير""١٢/ (١٨٦) ":
قال أبو إسماعيل الأنصاري: سمعت يحيى بن عمار الواعظ، وقد سألته عن ابن حبان، فقال: نحن أخرجناه من سجستان، كان له علم كثير، ولم يكن له كبير دين، قدم علينا، فأنكر الحد لله، فأخرجناه".
فعقب الذهبي "١٢/ (١٨٦)" بقوله:
قلت: إنكاركم عليه بدعة أيضا، والخوض في ذلك مما لم يأذن به الله، ولا أتى نص بإثبات ذلك ولا نفيه، و"من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه" (١)، وتعالى الله أن يحد أو يوصف إلا بما وصف به نفسه، أو علمه رسله بالمعنى الذي أراد بلا مثل ولا كيف ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ﴾ [الشورى: ١١].
وقال "٧/ (٢١٩)":
قال أبو عبيد: ما أدركنا أحدا يفسر أحاديث الصفات، ونحن لا نفسرها.
فعقب الذهبي بقوله: قلت: قد صنف أبو عبيد كتاب "غريب الحديث" وما تعرض لأخبار الصفات الإلهية بتأويل أبدا، ولا فسر منها شيئا، وقد أخبر بأنه ما لحق أحدا يفسرها،
(١) صحيح: راجع تخريجنا له في الجزء الثاني عشر بتعليقنا رقم "٢٤٧".