الرحمن بن عوف؛ فذكر الحديث، وفيه: فأمر خالد برجال منهم فأسروا وضربت أعناقهم.
فبلغ ذلك رسول الله ﷺ فقال: "اللهم إني أبرأ إليك مما عمل خالد بن الوليد". ثم دعا رسول الله ﷺ عليا فقال: "اخرج إلى هؤلاء القوم، فأد دماءهم وأموالهم، واجعل أمر الجاهلية تحت قدميك". فخرج علي، وقد أعطاه رسول الله ﷺ مالا، فودى لهم دماءهم وأموالهم، حتى إنه ليعطيهم ثمن ميلغة (١) الكلب، فبقي مع علي بقية من مال، فقال: أعطيكم هذا احتياطا لرسول الله ﷺ فيما لا يعلم رسول الله ﷺ، وفيما لا تعلمون.
فأعطاهم إياه، ثم قدم على رسول الله ﷺ وأخبره الخبر، فقال: "أحسنت وأصبت".
وقال يونس بن بكير، عن ابن إسحاق: حدثني يعقوب بن عتبة بن المغيرة، عن الزهري، قال: حدثني ابن أبي حدرد، عن أبيه، قال: كنت في الخيل التي أصاب فيها خالد بني جذيمة، إذا فتى منهم مجموعة يده إلى عنقة برمة -يقول: بحبل- فقال: يا فتى، هل أنت آخذ بهذه الرمة فمقدمي إلى هذه النسوة، حتى أقضي إليهن حاجة، ثم تصنعون ما بدا لكم؟
فقلت: ليسير ما سألت. ثم أخذت برمته فقدمته إليهن، قال: أسلم حبيش، على نفاد العيش، ثم قال:
أرأيت إن طالبتكم فوجدتكم … بحلية أو أدركتكم بالخوانق
ألم يك حقا أن ينول عاشق … تكلف إدلاج السرى والودائق
فلا ذنب لي، قد قلت، إذ أهلنا معا … أثيبي بود قبل إحدى الصفائق
أثيبي بود قبل أن تشحط النوى … وينأى الأمير بالحبيب المفارق
فإني لا سر لدي أضعته … ولا راق عيني بعد وجهك رائق
على أن ما ناب العشيرة شاغل … عن اللهو إلا أن تكون بوائق
فقالت: وأنت حييت عشرا، وسبعا وترا، وثمانيا تترى. ثم قدمناه فضربنا عنقه.
قال ابن إسحاق: فحدثنا أبو فراس الأسلمي، عن أشياخ من قومه قد شهدوا هذا مع خالد؛ قالوا: فلما قتل قامت إليه، فما زالت ترشفه حتى ماتت عليه.
(١) الميلغة: الإناء الذي يلغ فيه الكلب.