الحروب، وعُرِف فضله فقام بالأمر أحسن قيام، وهابه الناس ورهبوه ثم عقد له المعتمد مكان الموفق، وجعل أولاده تحت يده ثم إن المعتمد جلس مجلسًا عامًا أشهد فيه على نفسه بخلع، ولده المفوض إلى الله جعفر من ولاية عهده، وإفراد أبي العباس بالعهد في المحرم، وتوفي في رجب يعني المعتمد فقيل: إنه غم في بساط.
وكان المعتضد أسمر نحيفًا معتدل الخلق أقنى الأنف في مقدم لحيته طول، وفي مقدم رأسه شامة بيضاء تعلوه هيبة شديدة رأيته في خلافته.
قلت: لما بويع قدمت هدايا خمارويه، وخضع وذلك عشرون بغلا تحمل الذهب سوى الخيل والجواهر والنفائس وزرافة، وقدمت هدية الصفار فولاه خراسان وتزوج المعتضد ببنت خمارويه فقدمت في تجمل لا يعبر عنه، وصلى بالناس يوم النحر فكبر في الأولى ستًّا، وفي الثانية نسي تكبيرها ولم يكد يسمع: صوته.
وفي سنة ثمان وسبعين: كان أول شأن القرامطة.
ولا ريب أن أول وهن على الأمة قتل خليفتها عثمان صبرًا فهاجت الفتنة، وجرت وقعة الجمل بسببها ثم وقعة صفين، وجرت سيول الدماء في ذلك.
ثم خرجت الخوارج وكفرت عثمان وعليًّا وحاربوا ودامت حروب الخوارج سنين عدة.
ثم هاجت المسودة بخراسان، وما زالوا حتى قلعوا دولة بني أمية، وقامت الدولة الهاشمية بعد قتل أمم لا يحصيهم إلَّا الله.
ثم اقتتل المنصور، وعمه عبد الله ثم خذل عبد الله، وقتل أبو مسلم صاحب الدعوة.
ثم خرج ابنا حسن وكادا أن يتملكا فَقُتِلا.
ثم كان حرب كبير بين الأمين والمأمون إلى أن قتل الأمين.
وفي أثناء ذلك قام غير واحد يطلب الإمامة:
فظهر بعد المائتين بابك الخرمي زنديق بأذربيجان، وكان يضرب بفرط شجاعته الأمثال فأخذ عدة مدائن وهزم الجيوش إلى أن أسر بحيلة وقُتِل.
ولما قُتِل المتوكل غيلة ثم قتل المعتز ثم المستعين والمهتدي وضعف شأن الخلافة توثب ابنا الصفار إلى أن أخذا خراسان بعد أن كانا يعملان في النحاس، وأقبلا لأخذ العراق وقلع المعتمد.