للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقال أبو بكر بن إسحاق الصبغي، وقيل له: ألا تنظر إلى تمكن أبي علي الثقفي في عقله؟ فقال: ذاك عقل الصحابة والتابعين من أهل المدينة. قيل: وكيف ذاك؟ قال: إن مالكًا كان من أعقل أهل زمانه، وكان يقال: صار إليه عقل الذين جالسهم من التابعين، فجالسه يحيى بن يحيى النيسابوري، فأخذ من عقله وسمته، ثم جالس يحيى بن يحيى محمد ابن نصر سنين، حتى أخذ من سمته وعقله، فلم ير بعد يحيى من فقهاء خراسان أعقل من ابن نصر، ثم إن أبا علي الثقفي جالسه أربع سنين، فلم يكن بعده أعقل من أبي علي.

قال عبد الله بن محمد الإسفراييني: سمعت محمد بن عبد الله بن عبد الحكم يقول: كان محمد بن نصر بمصر إمامًا، فكيف بخراسان?

وقال القاضي محمد بن محمد: كان الصدر الأول من مشايخنا يقولون: رجال خراسان أربعة: ابن المبارك، وابن راهويه، ويحيى بن يحيى، ومحمد بن نصر.

ومن كلام محمد بن نصر، قال: لما كانت المعاصي بعضها كفرًا وبعضها ليس بكفر، فرق تعالى بينها، فجعلها ثلاثة أنواع: فنوع منها كفر، ونوع منها فسوق، ونوع منها عصيان، ليس بكفر ولا فسوق، وأخبر أنه كرهها كلها إلى المؤمنين. ولما كانت الطاعات كلها داخلة في الإيمان، وليس فيها شيء خارج عنه، لم يفرق بينها، فما، قال: حبب إليكم الإيمان والفرائض وسائر الطاعات، بل أجمل ذلك، فقال: ﴿حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمَان﴾ [الحجرات: ٧] فدخل فيه جميع الطاعات، لأنه قد حبب إليهم الصلاة والزكاة، وسائر الطاعات حب تدين، ويكرهون المعاصي كراهية تدين، ومنه قوله : "من سرته حسنته وساءته سيئته فهو مؤمن" (١).

وقال أبو عبد الله بن الأخرم: انصرف محمد بن نصر من الرحلة الثانية سنة ستين ومائيتن، فاستوطن نيسابور، فلم تزل تجارته بنيسابور، أقام مع شريك له مضارب، وهو


(١) صحيح: أخرجه أحمد "١/ ١٨" والترمذي "٢١٦٥"، والحاكم "١/ ١١٤" من طرق عن محمد بن سوقة، عن عبد الله بن دينار، عن ابن عمر، عن أبيه، به. وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح غريب من هذا الوجه. وصححه الحاكم ووافقه الذهبي، وأخرجه الحاكم "١/ ١١٤ - ١١٥" من طريق عامر بن سعد بن أبي وقاص، عن أبيه، عن عمر، به، وأخرجه الحميدي "٣٢" من طريق سليمان بن يسار، عن أبيه، عن عمر، به.
وأخرجه الطيالسي "ص ٧"، وأحمد "١/ ٢٦" من طريق جرير بن حازم، عن عبد الملك بن عمير، عن جابر بن سمرة، به.

<<  <  ج: ص:  >  >>