للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

تخرج لي سمكة فيها ثلاثة أرطال، لأغرقن نفسي. قال: فخرجت لي سمكة ثلاثة أرطال. قال: فبلغ ذلك الجنيد، فقال: كان حكمه أن تخرج له أفعى فتلدغه.

وعن النوري، قال: سبيل الفانين الفناء في محبوبهم، وسبيل الباقين البقاء ببقائه، ومن ارتفع عن الفناء والبقاء، فحينئذ لا فناء ولا بقاء.

عن القناد، قال: كتبت إلى النوري وأنا حدث:

إذا كان كل المرء في الكل فانيًا … أبن لي عن أي الوجودين يخبر

فأجاب لوقته:

إذا كنت فيما ليس بالوصف فانيًا … فوقتك في الأوصاف عندي تحير

قلت: هذا يحتاج إلى شرح طويل، وتحرز عن الفناء الكلي، ومرادهم بالفناء، فناء الأوصاف النفسانية ونحوها، ونسيانها بالاشتغال بالله -تعالى- وبعبادته، فإن ذات العارف وجسده لا ينعدم ما عاش، والكون وما حوى فمخلوق، والله خالق كل شيء ومبدعه، أعاذنا الله وإياكم من قول الاتحاد فإنه زندقة.

قال فارس الحمال: رأيت النوري خرج من البادية، ولم يبق منه إلَّا خاطره، فقال له رجل: هل يلحق الأسرار ما يلحق الصفات؟ -يريد الضنا الذي رأى به- فقال: إن الله أقبل على الأسرار فحملها، وأعرض عن الصفات فمحقها، ثم أنشأ يقول:

أهكذا صيرني … أزعجني عن وطني!

حتى إذا غبت به … وإذ بدا غيبني

واصلني .. حتى إذا … واصلته قاطعني

يقول لا تشهد ما … تشهد أو تشهدني

قال ولما مات النوري، قال الجنيد: ذهب نصف العلم بموته.

وقيل: قال النوري للجنيد: غششتهم فصدروك، ونصحت لهم فرموني بالحجارة.

قيل: كان النوري يلهج بفناء صفات العارف، فكان ذلك أبو جاد فناء ذات العارف كما زعمت الاتحادية، فقالوا بتعميم فناء السوى، وقالوا: ما في الكون سوى الله، وصرحوا بأنه تعالى اتحد لخلقه، وأنت أنا، وأنا أنت، وأنشدوا:

<<  <  ج: ص:  >  >>