فبسطه، ثم دعا بفضل أزوادهم. فجعل الرجل يأتي بكف ذرة، ويجيء الآخر بكف تمر، ويجيء الآخر بكسرة، حتى اجتمع على النطع من ذلك شيء يسير. فدعا رسول الله ﷺ بالبركة، ثم قال لهم:"خذوا في أوعيتكم". حتى ما تركوا في العسكر وعاء إلا ملأوه، وأكلوا حتى شبعوا، وفضلت فضلة، فقال رسول الله ﷺ:"أشهد أن لا إله إلا الله، وأني رسول الله؛ لا يلقى الله بها عبد غير شاك فيحجب عن الجنة". أخرجه مسلم.
وقال عمرو بن الحارث، عن سعيد بن أبي هلال، عن عتبة بن أبي عتبة، عن نافع بن جبير، عن ابن عباس، أنه قيل لعمر ﵁: حدثنا من شأن العسرة. فقال: خرجنا إلى تبوك في قيظ شديد، فنزلنا منزلا أصابنا فيه عطش، حتى ظننا أن رقابنا ستنقطع، حتى إن كان الرجل ليذهب يلتمس الرجل، فلا يرجع حتى يظن أن رقبته ستنقطع، حتى إن كان الرجل لينحر بعيره فيعصر فرثه فيشربه ويجعل ما بقي على كبده. فقال أبو بكر: يا رسول الله، إن الله قد عودك في الدعاء خيرا فادع الله لنا. قال:"أتحب ذلك"؟ قال: نعم. فرفع يديه، فلم يرجعهما حتى قالت السماء فأظلت ثم سكبت، فملأوا ما معهم. ثم ذهبنا ننظر فلم نجدها جازت العسكر. حديث حسن قوي.
وقال مالك، وغيره، عن عبد الله بن دينار، عن ابن عمر: أن رسول الله ﷺ قال لأصحابه: "لا تدخلوا على هؤلاء القوم المعذبين، إلا أن تكونوا باكين، فإن لم تكونوا باكين فلا تدخلوا عليهم، لا يصيبكم مثل ما أصابهم"؛ يعني أصحاب الحجر.
وقال سليمان بن بلال: حدثنا عبد الله بن دينار، عن ابن عمر، قال: لما نزل رسول الله ﷺ الحجر، أمرهم أن لا يشربوا من بئرها، ولا يسقوا منها. فقالوا: قد عجنا منها واستقينا. فأمرهم أن يطرحوا ذلك العجين ويريقوا ذلك الماء. أخرجهما البخاري، ولمسلم مثل الأول منهما.
وقال عبيد الله بن عمر، عن نافع، عن عبد الله: أن الناس نزلوا مع رسول الله ﷺ الحجر، فاستقوا من آبارها وعجنوا به. فأمرهم أن يهريقوا الماء، ويعلفوا الإبل العجين، وأمرهم أن يستقوا من البئر التي كانت الناقة ترده. أخرجه مسلم.
وقال مالك، عن أبي الزبير، عن أبي الطفيل، أن معاذ بن جبل أخبره أنهم خرجوا مع رسول الله ﷺ عام تبوك، فكان رسول الله ﷺ يجمع بين الظهر والعصر وبين المغرب والعشاء. قال: فأخر الصلاة يوما، ثم خرج فصلى الظهر والعصر جميعا، ثم دخل، ثم خرج فصلى المغرب والعشاء جميعا، ثم قال: "إنكم ستأتون غدا إن شاء الله عين تبوك، وإنكم لن