السلمي: سمعت محمد بن أحمد بن الحسن الوراق: سمعت إبراهيم بن عبد الله القلانسي الرازي يقول: لما صلب الحلاج -يعني: في النوبة الأولى- وقفت عليه، فقال: إلهي! أصبحت في دار الرغائب أنظر إلى العجائب، إلهي! إنك تتودد إلى من يؤذيك، فكيف لا تتودد إلى من يؤذى فيك.
السلمي: سمعت أبا العباس الرازي يقول: كان أخي خادمًا للحلاج، فلما كانت الليلة التي يقتل فيها من الغد، قلت: أوصني يا سيدي. فقال: عليك نفسك، إن لم تشغلها شغلتك. فلما أخرج، كان يتبختر في قيده، ويقول:
نديمي غير منسوب … إلى شيء من الخيف
سقاني مثل ما يشر … ب فعل الضيف بالضيف
فلما دارت الكأس … دعا بالنطع والسيف
كذا من يشرب الكأس … مع التنين في الصيف
ثم قال: ﴿يَسْتَعْجِلُ بِهَا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِهَا وَالَّذِينَ آمَنُوا مُشْفِقُونَ مِنْهَا وَيَعْلَمُونَ أَنَّهَا الْحَق﴾ [الشورى: ١٨]، ثم ما نطق بعد.
وله أيضًا:
يا نسيم الريح قولي للرشا … لم يزدني الورد إلَّا عطشا
روحه روحي وروحي فله … إن يشأ شئت وإن شئت يشا
وقال أبو عمر بن حيوية: لما أخرج الحلاج ليقتل، مضيت وزاحمت حتى رأيته، فقال لأصحابه: لا يهولنكم، فإني عائد إليكم بعد ثلاثين يومًا. فهذه حكاية صحيحة توضح لك أن الحلاج ممخرق كذاب، حتى عند قتله.
وقيل: إنه لما أخرج للقتل، أنشد:
طلبت المستقر بكل أرض … فلم أر لي بأرض مستقرا
أطعت مطامعي فاستعبدتني … ولو أني قنعت لكنت حرًا
قال أبو الفرج بن الجوزي: جمعت كتابًا سميته: "القاطع بمحال المحاج بحال الحلاج". وبلغ من أمره أنهم قالوا: إنه إله، وإنه يحيي الموتى.