للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ثم ذكر عروة قصة في شأن جماعة من المنافقين هموا بأذية رسول الله فأطلعه الله على كيدهم. وذكر بناء مسجد الضرار.

وذكر ابن إسحاق، عن ثقة من بني عمرو بن عوف: أن رسول الله أقبل من تبوك حتى نزل بذي أوان؛ بينه وبين المدينة ساعة من نهار. وكان مسجد الضرار قد أتوه، وهو يتجهز إلى تبوك، فقالوا: قد بنينا مسجدا لذي العلة والحاجة والليلة المطيرة، وإنا نحب أن تأتي فتصلي لنا فيه. فقال: إني على جناح سفر، فلو رجعنا -إن شاء الله- أتيناكم. فلما نزل رسول الله بذي أوان، أتاه خبر السماء، فدعا مالك بن الدخشم ومعن بن عدي، فقال: "انطلقا إلى هذا المسجد الظالم أهله فاهدماه وأحرقاه". فخرجنا سريعين حتى دخلاه وفيه أهله فحرقاه وهدماه وتفرقوا عنه. ونزل فيه من القرآن ما نزل.

وقال أبو الأصبغ عبد العزيز بن يحيى الحراني: حدثنا بن سلمة، عن ابن إسحاق، عن الأعمش، عن عمرو بن مرة، عن أبي البختري، عن حذيفة، قال: كنت آخذا بخطام ناقة رسول الله أقود به، وعمار يسوقه؛ أو قال: عمار يقوده وأنا أسوقه؛ حتى إذا كنا بالعقبة، فإذا أنا باثني عشر راكبا قد اعترضوه فيها، فأنبهت رسول الله ؛ فصرخ بهم فولوا مدبرين. فقال لنا رسول الله : "هل عرفتم القوم"؟ قلنا: لا، قد كانوا ملثمين. قال: "هؤلاء المنافقون إلى يوم القيامة، أرادوا أن يزحموني في العقبة لأقع". قلنا: يا رسول الله، أولا تبعث عشائرهم حتى يبعث إليك كل قوم برأس صاحبهم؟ قال: "لا، أكره أن يتحدث العرب أن محمدا قاتل بقوم حتى إذا أظهره الله بهم أقبل عليهم يقتلهم". ثم قال: "اللهم ارمهم بالدبيلة". قلنا: يا رسول الله، وما الدبيلة؟ قال: "شهاب من نار يقع على نياط قلب أحدهم فيهلك".

وقال قتادة، عن أبي نضرة، عن قيس بن عباد، في حديث ذكره عن عمار بن ياسر، أن حذيفة حدثه، عن النبي أنه قال: "في أصحابي اثنا عشر منافقا، منهم ثمانية لا يدخلون الجنة حتى يلج الجمل في سم الخياط". أخرجه مسلم.

وقال عبد الله بن صالح المصري: حدثنا معاوية بن صالح، عن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس: ﴿وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مَسْجِدًا ضِرَارًا﴾ [التوبة: ١٠٧]، قال: أناس بنوا مسجدا فقال لهم أبو عامر: ابنوا مسجدكم واستمدوا ما استطعتم من قوة وسلاح، فإني ذاهب إلى قيصر فآتي بجند من الروم، فأخرج محمدا وأصحابه. فلما فرغوا من مسجدهم أموا النبي ، فقالوا: نحب أن تصلي فيه. فنزلت: ﴿لا تَقُمْ فِيهِ أَبَدًا﴾ [التوبة].

وقال ابن عيينة، عن الزهري، عن السائب بن يزيد، قال: أذكر أنا حين قدم رسول الله من غزوة تبوك، خرجنا مع الصبيان نتلقاه إلى ثنية الوداع. أخرجه البخاري (١).

وقال غير واحد، عن حميد، عن أنس: أن رسول الله لما رجع من غزوة تبوك ودنا من المدينة، قال: "إن بالمدينة لأقواما ما سرتم من مسير ولا قطعتم من واد، إلا كانوا معكم فيه". قالوا: يا رسول الله، وهم بالمدينة؟ قال: "نعم، حبسهم العذر". أخرجه البخاري (٢).


(١) صحيح: أخرجه البخاري "٤٤٢٦" حدثنا علي بن عبد الله، حدثنا سفيان، عن الزهري، به.
(٢) صحيح: أخرجه أحمد "٣/ ١٠٣"، والبخاري "٢٨٣٩" و "٤٤٢٣"، وابن ماجه "٢٧٦٤" من طرق عن حميد الطويل، به.

<<  <  ج: ص:  >  >>