نهاية من التمكن من معرفة الحديث، وله اختيار فلا يتقيد في الاختيار بمذهب بعينه، بل يدور مع ظهور الدليل.
قلت: ما يتقيد بمذهب واحد إلَّا من هو قاصر في التمكن من العلم، كأكثر علماء زماننا، أو من هو متعصب، وهذا الإمام فهو من حملة الحجة، جار في مضمار ابن جرير، وابن سريج، وتلك الحلبة، ﵏.
أخبرنا عمر بن عبد المنعم، أخبرنا أبو اليمن الكندي سنة ثمان وست مائة كتابة، أخبرنا علي بن هبة الله بن عبد السلام، حدثنا الإمام أبو إسحاق في كتاب "الطبقات"، قال: ومنهم أبو بكر محمد بن إبراهيم بن المنذر النيسابوري، مات بمكة، سنة تسع -أو عشر- وثلاث مائة، وصنف في اختلاف العلماء كتبًا لم يصنف أحد مثلها، واحتاج إلى كتبه الموافق والمخالف، ولا أعلم عمن أخذ الفقه.
قلت: قد أخذ عن أصحاب الإمام الشافعي، وما ذكره الشيخ أبو إسحاق من وفاته، فهو على التوهم، وإلا فقد سمع منه ابن عمار في سنة ست عشرة وثلاث مائة، وأرخ الإمام أبو الحسن بن قطان الفاسي وفاته في سنة ثماني عشرة.
أخبرنا جماعة إذنًا، عن عائشة بنت معمر "ح". وقال أحمد بن محمد العلاني، أخبرنا إسحاق بن أبي بكر، أخبرنا يوسف بن خليل، أخبرنا المؤيد بن الأخوة، قالا: أخبرنا سعيد بن أبي الرجاء، أخبرنا أبو طاهر أحمد بن محمود، ومنصور بن الحسين، قالا: أخبرنا أبو بكر محمد بن إبراهيم، أخبرنا محمد بن إبراهيم بن المنذر -فقيه مكة- حدثنا محمد بن ميمون، حدثنا عبد الله بن يحيى البرلسي، عن حيوة بن شريح، عن ابن عجلان، عن أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة: عن النبي ﷺ قال: "من جر لنفسه شيئًا ليقتلها، فإنما يجعلها في النار، ومن طعن نفسه بشيء، فإنما يطعنها في النار، ومن اقتحم، فإنما يقتحم في النار"(١). غريب.
ولابن المنذر "تفسير" كبير في بضعة عشر مجلدا، يقضي له بالإمامة في علم التأويل أيضًا.
(١) صحيح: أخرجه البخاري "٥٧٧٨"، ومسلم "١٠٩"، وأبو داود "٣٨٧٢"، والترمذي "٢٠٤٣"، والنسائي "٤/ ٦٦ - ٦٧" من طرق عن الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله ﷺ: "من قتل نفسه بحديدة فحديدته في يده يتوجأ بها في بطنه في نار جهنم مخلدا فيها أبدا ومن شرب سما فقتل نفسه فهو يتحساه في نار جهنم خالدا مخلدا فيها أبدا، ومن تردي من جبل فقتل نفسه فهو يتردى في نار جهنم خالدا مخلدا فيها أبدا" واللفظ لمسلم.