نحن الكرام فلا حي يعادلنا … منا الملوك وفينا تنصب البيع
وكم قسرنا من الأحياء كلهم … عند النهاب، وفضل العز يتبع
ونحن نطعم عند القحط مطعمنا … من الشواء إذا لم يؤنس القزع (١)
بما ترى الناس تأتينا سراتهم … من كل أرض هويا ثم نصطنع
في أبيات.
فقال النبي ﷺ:"قم يا حسان، فأجبه". فقال حسان:
إن الذوائب من فهر وإخواتهم … قد بينوا سنة للناس تتبع
يرضى بها كل من كانت سريرته … تقوى الإله وكل الخير يصطنع
قوم إذا حاربوا ضروا عدوهم … أو حاولوا النفع في أشياعهم نفعوا
سجية تلك منهم غير محدثة … إن الخلائق فاعلم، شرها البدع
في أبيات.
فقال الأقرع بن حابس: وأبي، إن هذا الرجل لمؤتى له. إن خطيبه أفصح من خطيبنا، ولشاعره أشعر من شاعرنا.
قال: فلما فرغ القوم أسلموا، وأحسن النبي ﷺ جوائزهم. وفيهم نزلت: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يُنَادُونَكَ مِنْ وَرَاءِ الْحُجُرَاتِ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْقِلُونَ﴾ [الحجرات: ٤].
وقال سليمان بن حرب: حدثنا حماد بن زيد، عن محمد بن الزبير الحنظلي، قال: قدم على النبي ﷺ، الزبرقان بن بدر، وقيس بن عاصم، وعمر بن الأهتم. فقال لعمرو بن الأهتم: أخبرني عن هذا الزبرقان، فأما هذا فلست أسألك عنه. قال: وأراه قال قد عرف قيسا. فقال: مطاع في أدنيه، شديد العارضة، مانع لما وراء ظهره. فقال الزبرقان: قد قال ما قال وهو يعلم أني أفضل مما قال. فقال عمرو: ما علمتك إلا زمر المروءة، ضيق العطن، أحمق الأب، لئيم الخال. ثم قال: يا رسول الله، قد صدقت فيهما جميعا؛ أرضاني فقلت بأحسن ما أعلم، وأسخطني فقلت بأسوأ ما فيه. فقال رسول الله ﷺ:"إن من البيان سحرا".