للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فإني قد آمنت وصدقت، وأنا ضمام بن ثعلبة، فلما ولى قال رسول الله : "فقه الرجل". قال: فكان عمر يقول: ما رأيت أحدا أحسن مسألة ولا أوجز من ضمام بن ثعلبة. الحارث بن عمير ضعيف، وقصة ضمام في الصحيحين من حديث أنس.

قال ابن إسحاق: وفد على رسول الله الجارود بن عمرو أخو بني عبد القيس -قال عبد الملك بن هشام: وكان نصرانيا- فدعاه رسول الله إلى الإسلام. فقال: يا محمد، تضمن لي ديني؟ قال: "نعم، قد هداك الله إلى ما هو خير منه". قال: فأسلم، وأسلم أصحابه.

قال ابن إسحاق: وقدم على رسول الله وفد بني حنيفة، فيهم مسيلمة بن حبيب الكذاب، فكان منزلتهم في دار بنت الحارث الأنصارية. فحدثني بعض علمائنا أن بني حنيفة أتت به رسول الله تستره بالثياب، ورسول الله جالس في أصحابه معه عسيب نخل في رأسه خوصات. فلما كلم النبي وسأله قال: "لو سألتني هذا العسيب ما أعطيتكه".

قال ابن إسحاق: وحدثني شيخ من أهل اليمامة أن حديثه كان على غير هذا؛ زعم أن وفد بني حنيفة أتوا رسول الله وخلفوا مسيلمة في رحالهم، فلما أسلموا ذكروا له مكانه فأمر له رسول الله بمثل ما أمر به لهم، وقال: "أما إنه ليس بأشركم مكانا"؛ يعني حفظه ضيعة أصحابه. ثم انصرفوا وجاؤوه بالذي أعطاه. فلما قدموا اليمامة ارتد عدو الله وتنبأ، وقال: إني أشركت في الأمر مع محمد، ألم يقل لكم حين ذكرتموني له أما إنه ليس بأشركم مكانا؟ وما ذاك إلا لما يعلم أني قد أشركت معه. ثم جعل يسجع السجعات فيقول لهم فيما يقول مضاهاة للقرآن: لقد أنعم الله على الحبلى، أخرج منها نسمة تسعى، من بين صفاق (١) وحشى. ووضع عنهم الصلاة وأحل لهم الزنى والخمر، وهو مع ذلك يشهد لرسول الله أنه نبي. فأصفقت (٢) معه بنو حنيفة على ذلك.

وقال شعيب بن أبي حمزة، عن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي حسين، قال: حدثنا نافع بن جبير، عن ابن عباس، قال: قدم مسيلمة الكذاب على عهد الله رسول الله المدينة، فجعل يقول: إن جعل لي محمد الأمر من بعده اتبعته. وقدمها في بشر كثير من قومه. فأقبل النبي ، ومعه ثابت بن قيس بن شماس، وفي يد النبي قطعة جريد، حتى وقف على مسيلمة في أصحابه، فقال: "إن سألتني هذه القطعة ما أعطيتكها، ولن تعدو أمر الله فيك،


(١) الصفاق: الجلد الأسفل الذي تحت الجلد الذي عليه الشعر.
(٢) أصفقت معه: اجتمعت معه.

<<  <  ج: ص:  >  >>