للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وكان هذا من أهل سلمية له غور، وفيه دهاء ومكر، وله همة علية، فسرى على أنموذج علي بن محمد الخبيث، صاحب الزنج الذي خرب البصرة وغيرها، وتملك بضع عشرة سنة. وأهلك البلاد والعباد. وكان بلاء على الأمة، فقتل سنة سبعين ومائتين.

فرأى عبيد الله أن ما يرومه من الملك، لا ينبغي أن يكون ظهوره بالعراق ولا بالشام، فبعث أولا له داعيين شيطانين داهيتين، وهما الأخوان أبو عبد الله الشيعي، وأخوه أبو العباس، فظهر أحدهما باليمن، والآخر بأفريقية، وأظهر كل منهما الزهد والتأله، وأدبا أولاد الناس، وشوقا إلى الإمام المهدي.

ولهم البلاغات السبعة: فالأول للعوام وهو الرفض، ثم البلاغ الثاني للخواص، ثم البلاغ الثالث لمن تمكن، ثم الرابع لمن استمر سنتين، ثم الخامس لمن ثبت في المذهب ثلاث سنين، ثم السادس لمن أقام أربعة أعوام، ثم الخطاب بالبلاغ السابع وهو الناموس الأعظم.

قال محمد بن إسحاق النديم: قرأته فرأيت فيه أمرًا عظيمًا من إباحة المحظورات، والوضع من الشرائع وأصحابها، وكان في أيام معز الدولة ظاهرا شائعا، والدعاة منبثون في النواحي، ثم تناقص.

قلت: ثم استحكم أمر أبي عبد الله بالمغرب، وتبعه خلق من البربر، ثم لحق به أخوه، وعظم جمعه، حتى حارب متولي المغرب وقهره، وجرت له أمور طويلة في أزيد من عشرة أعوام.

فلما سمع عبيد الله بظهور داعيه، سار بولده في زي تجار، والعيون عليهما إلى أن ظفر بهما متولي الإسكندرية فسر بهما، وكاشر لهما التشيع فيه فدخلا المغرب. فظفر بهما أمير المغرب فسجنهما، ولم يقرا له بشيء، ثم التقى هو وأبو عبد الله الشيعي، فانتصر أبو عبد الله، وتملك البلاد، وأخرج المهدي من السجن، وقبل يده وقال لقواده: هذا إمامنا، فبايعه الملأ.

ووقع بعد بينه وبين داعييه لكونه ما أنصفهما، ولا جعل لهما كبير منصب، فشككا فيه خواصهما، وتفرقت كلمة الجنود، ووقع بينهم مصاف. فانتصر عبيد الله، وذبح الأخوين. ودانت له الأمم. وأنشأ مدينة المهدية، ولم يتوجه لحربه جيش لبعد الشقة ولوهن شأن الخلافة بإمارة المقتدر. وجهز من المغرب ولده ليأخذ مصر، فلم يتم له ذلك.

قال أبو الحسن القابسي، صاحب "الملخص": إن الذين قتلهم عبيد الله، وبنوه أربعة

<<  <  ج: ص:  >  >>