وقال أبو الفضل يومًا لكاتبه: اكتب إلى الخليفة، فصل لهم على محمد، وكل من جراب النورة. قال: والله ما تنبسط يدي لذلك، فافتض أبو الفضل أختا لأبي طاهر الجنابي، وذبح ولدها في حجرها، ثم قتل زوجها، وهم بقتل أبي طاهر، فاتفق أبو طاهر مع كاتبه ابن سنبر، وآخر عليه فقالا: يا إلهنا، إن والدة أبي طاهر قد ماتت فاحضر لتحشو جوفها نارا. قال: وكان سنه له، فأتى، فقال: ألا تجيبها؟ قال: لا، فإنها ماتت كافرة، فعاوده، فارتاب، وقال: لا تعجلا علي، دعاني أخدم دوابكما إلى أن يأتي أبي. قال ابن سنبر: ويلك هتكتنا، ونحن نرتب هذه الدعوة من ستين سنة، فلو رآك أبوك لقتلك اقتله يا أبا طاهر. قال: أخاف أن يمسخني، فضرب أخو أبي طاهر عنقه، ثم جمع ابن سنبر الناس، وقال: إن هذا الغلام ورد بكذب سرقه من معدن حق، وإنا وجدنا فوقه من ينكحه، وقد كنا نسمع أنه لا بد للمؤمنين من فتنة يظهر بعدها حق، فأطفئوا بيوت النيران، وارجعوا عن نكاح الأم، ودعوا اللواط، وعظموا الأنبياء. فضجوا وقالوا: كل وقت تقولون لنا قولا، فأنفق أبو طاهر الذهب حتى سكنوا.
قال الطبيب: فأخرج إلي أبو طاهر الحجر، وقال: هذا كان يعبد. قلت: كلا. قال: بلى. قلت: أنت أعلم. وأخرجه في ثوب دبيقي ممسك.
ثم جرت لأبي طاهر مع المسلمين حروب أوهنته. وقتل جنده، وطلب الأمان على أن يرد الحجر، وأن يأخذ عن كل حاج دينارًا ويخفرهم.
قلت: ثم هلك بالجدري -لا ﵀ في رمضان سنة اثنتين وثلاث مائة بهجر كهلا، وقام بعده أبو القاسم سعيد.