سألني الصبي أن أعلمه القرآن، فاختلط تعليم النحو بتعليم القرآن، ولا أستحل أن آخذ منه شيئًا، ولو دفع إلي الدنيا.
ثم قال ابن النجار: وكان عقدة زيديًا، وكان ورعا ناسكا، سمي عقدة لأجل تعقيده في التصريف، وكان وراقا جيد الخط، وكان ابنه أحفظ من كان في عصرنا للحديث.
قال أبو أحمد الحاكم: قال لي ابن عقدة: دخل البرديجي الكوفة، فزعم أنه أحفظ مني. فقلت: لا تطول نتقدم إلى دكان وراق، ونضع القبان، ونزن من الكتب ما شئت، ثم يلقى علينا، فنذكره قال: فبقي.
الحاكم: سمعت أبا علي الحافظ، يقول: ما رأيت أحدًا أحفظ لحديث الكوفيين من أبي العباس بن عقدة.
وبه إلى الخطيب أبي بكر: حدثني محمد بن علي الصوري، سمعت عبد الغني بن سعيد، سمعت أبا الفضل الوزير، يقول: سمعت علي بن عمر -وهو الدارقطني- يقول: أجمع أهل الكوفة أنه لم ير من زمن عبد الله بن مسعود إلى زمن أبي العباس بن عقدة أحفظ منه.
وأنبأنا ابن علان، عن القاسم بن علي، أخبرنا أبي، أخبرنا هبة الله بن الأكفاني، أخبرنا عبد العزيز بن أحمد، حدثنا العلاء بن حزم، حدثنا علي بن بقاء، حدثنا عبد الغني فذكرها، ثم قال عبد الغني: وسمعت أبا همام محمد بن إبراهيم، يقول: ابن جوصا بالشام كابن عقدة بالكوفة.
قلت: يمكن أن يقال: لم يوجد أحفظ منه وإلى يومنا وإلى قيام الساعة بالكوفة، فأما أن يكون أحد نظيرًا له في الحفظ، فنعم، فقد كان بها بعد ابن مسعود وعلي، علقمة، ومسروق، وعبيدة، ثم أئمة حفاظ كإبراهيم النخعي، ومنصور، والأعمش، ومسعر، والثوري، وشريك، ووكيع، وأبي نعيم، وأبي بكر بن أبي شيبة، ومحمد ابن عبد الله بن نمير، وأبي كريب، ثم هؤلاء يمتازون عليه بالإتقان والعدالة التامة، ولكنه أوسع دائرة في الحديث منهم.
قال أبو الطيب أحمد بن الحسن بن هرثمة: كنا بحضرة أبي العباس بن عقدة نكتب عنه وفي المجلس رجل هاشمي إلى جانبه، فجرى حديث حفاظ الحديث، فقال أبو العباس: أنا أجيب في ثلاث مائة ألف حديث من حديث أهل بيت هذا سوى غيرهم، وضرب بيده على الهاشمي.