قال الصوري: وقال لي أبو سعد الماليني: أراد ابن عقدة أن ينتقل، فاستأجر من يحمل كتبه، وشارط الحمالين أن يدفع إلى كل واحد دانقًا. قال: فوزن لهم أجورهم مائة درهم. وكانت كتبه ست مائة حملة.
وبه: أخبرنا أبو منصور محمد بن عيسى الهمذاني، حدثنا صالح بن أحمد الحافظ، سمعت أبا عبد الله الزعفراني يقول: روى ابن صاعد ببغداد حديثًا أخطأ في إسناده، فأنكر عليه ابن عقدة فخرج عليه أصحاب ابن صاعد، وارتفعوا إلى الوزير علي بن عيسى وحبس ابن عقدة. فقال الوزير: من نسأل ونرجع إليه؟ فقالوا: ابن أبي حاتم. فكتب إليه الوزير يسأله، فنظر وتأمل، فإذا الحديث على ما قال ابن عقدة، فكتب إليه بذلك، فأطلق ابن عقدة، وارتفع شأنه.
وبه: حدثنا حمزة بن محمد الدقاق، سمعت جماعة يذكرون أن ابن صاعد كان يملي من حفظه، فأملى يومًا عن أبي كريب، عن حفص بن غياث، عن عبيد الله بن عمر، فعرض على أبي العباس بن عقدة، فقال: ليس هذا عند أبي محمد، عن أبي كريب، وإنما سمعه من أبي سعيد الأشج، فاتصل هذا القول بابن صاعد، فنظر في أصله، فوجده كما قال. فلما اجتمع الناس قال: كنا حدثناكم، عن أبي كريب بحديث كذا، ووهمنا فيه. إنما حدثناه أبو سعيد وقد رجعنا عن الرواية الأوَّلة.
قلت لحمزة: ابن عقدة هو الذي نبه يحيى؟ فتوقف، ثم قال: ابن عقدة أو غيره.
وبه: حدثنا القاضي أبو عبد الله الصيمري، حدثني أبو إسحاق الطبري، سمعت ابن الجعابي يقول: دخل ابن عقدة بغداد ثلاث دفعات، سمع في الأولى من إسماعيل القاضي ونحوه، ودخل الثانية في حياة ابن منيع، فطلب مني شيئًا من حديث ابن صاعد لينظر فيه، فجئت إلى ابن صاعد، فسألته، فدفع إلي مسند علي، فتعجبت من ذلك، وقلت في نفسي: كيف دفع إلي هذا وابن عقدة أعرف الناس به! مع اتساعه في حديث الكوفيين، وحملته إلى ابن عقدة، فنظر فيه، ثم رده علي، فقلت: أيها الشيخ، هل فيه شيء يستغرب؟ فقال: نعم؛ فيه حديث خطأ. فقلت: أخبرني به. فقال: لا والله لا عرفتك ذلك حتى أجاوز قنطرة الياسرية، وكان يخاف من أصحاب ابن صاعد، فطالت علي الأيام انتظارًا لوعده، فلما خرج إلى الكوفة، سرت معه، فلما أردت مفارقته، قلت: وعدك؟ قال: نعم، الحديث عن أبي سعيد الأشج، عن يحيى بن زكريا بن أبي زائدة، ومتى سمع منه؟ وإنما ولد أبو سعيد في الليلة التي مات فيها يحيى بن زكريا. فودعته، وجئت إلى ابن صاعد، فأعلمته بذلك، فقال: