ويدافع ويمهل إلى المجلس الثاني، ويحذر المدَّعى عليه وبال اليمين، ويخوفه يوم الدِّين، ويذكره الوقوف بين يدي رب العالمين، ثم يحلفه على كره.
قال أبو بكر بن مردويه: سمعت أبا أحمد يقول: احفظ في القرآن خمسين ألف حديث.
قال أبو موسى: ذكر أبو غالب هبة الله بن محمد بن هارون بخطه قال: سمعت بعض أصحاب الحديث أن محدثًا حضر القاضي أبا أحمد قال: إني حلفت أنك تحفظ سبعين ألف حديث، فهل أنا بارّ؟ قال: برَّت يمينك، إني أحفظ في القرآن سبعين ألف حديث.
ويقال: إنه أملى تفسيرًا كثيرًا من حفظه، وقيل: أملى أربعين ألف حديث بأردستان، فلما رجع إلى أصبهان قابل ذلك، فكان كما أملاه.
أخبرنا جماعة كتابةً، أخبرنا الكندي، أخبرنا الشيباني، أخبرنا الخطيب، حدثني عبد الله بن أحمد بن علي السوذرجاني، وكان دينًا ثقةً قال: سمعت ابن منده يقول: كتبت عن ألف شيخ، لم أر فيهم أتقن من أبي أحمد العسال.
وقال يحيى بن منده: سمعت عمِّي يقول: سمعت أبي يقول: كتبت عن ألف وسبع مائة شيخ، فلم أجد فيهم مثل أبي أحمد العسال، وإبراهيم بن محمد بن حمزة. وكذا رواه أحمد بن جعفر الفقيه، عن أبي عبد الله فقال: ألف وسبع مائة. وعن ابن منده قال: طفت الدنيا مرتين، فما رأيت مثل العسال.
ذكر أبو غالب أيضًا قال: يُحْكَى أنه ما كان يجلس لإملاء الحديث ولا يمس جزءًا إلَّا على طهارة، وأنه كان مرة مع صهره فدخل مسجدًا، وشرع في الصلاة، فختم القرآن في ركعة، قال أبو غالب: وسمعت جدي يقول: سمعت والدي أبا إسحاق إبراهيم بن القاضي أبي أحمد العسال يقول: لما مات القاضي وجلس بنوه للتعزية، فدخل رجلان في لباس سواد، وأخذا يولولان ويقولان: واسلاماه، فسُئِلَا عن حالهما فقالا: إنا وردنا من أغمات (١) من المغرب، لنا سنة ونصف في الطريق، في الرحلة إلى هذا الإمام؛ لنسمع منه، فوافق ورودنا وفاته.
(١) أغمات: ناحية من بلاد المغرب قرب مراكش، وهي كثيرة الخيرات، قاله ياقوت الحموي في "معجم البلدان" "١/ ٢٦٦".