قال ابن زولاق: حدَّثني الحافظ قال: رحلت سنة خمس، فدخلت حلب وقاضيها أبو عبد الله بن عبدة، فكتبت عنه، فكان يقول لي: لو عرفتك بمصر لملأت ركائبك ذهبًا، فيقال: أعطاه مائتي دينار ترَّحل بها إلى العراق.
قال أبو عمر بن عبد البر: سمعت عبد الله بن محمد بن أسد، سمعت حمزة الكناني يقول: خرَّجت حديثًا واحدًا عن النبي ﷺ من نحو مائتي طريق، فداخلني لذلك من الفرح غير قليل، وأعجبت بذلك، فرأيت يحيى بن معين في المنام، فقلت: يا أبا زكريا، خرَّجت حديثًا من مائتي طريق، فسكت عنِّي ساعة، ثم قال: أخشى أن تدخل هذه تحت ﴿أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُر﴾ [التكاثر: ١].
قال أبو عبد الله بن منده: سمعت حمزة بن محمد الحافظ يقول: كنت أكتب الحديث فلا أكتب: وسلَّم بعد صلى الله عليه، فرأيت النبي ﷺ في المنام، فقال لي: أما تختم الصلاة عليّ في كتابك?!
أنبأنا الخضر بن حمويه، عن القاسم بن علي، حدَّثنا أبي، أخبرنا ابن الأكفاني، أخبرنا سهل بن بشر، سمعت علي بن عمر الحراني، سمعت حمزة بن محمد الحافظ، وجاءه غريب فقال: إن عسكر أبي تميم -يعني المغاربة- قد وصلوا إلى الأسكندرية، فقال: اللهمَّ لا تحيني حتى تريني الرايات الصفر، فمات حمزة، ودخل عسكرهم بعد موته بثلاثة أيام.
قلت: هؤلاء عسكر المعز العبيدي الإسماعيلية، تملَّكوا مصر في هذا الوقت، وبنوا في الحال مدينة القاهرة المعزية، فأماتوا السنَّة، وأظهروا الرفض، ودامت دولتهم أزيد من مائتي عام، حتى أبادهم السلطان صلاح الدين، ونسبهم إلى علي ﵁ غير صحيح.
مات حمزة في ذي الحجة سنة سبع وخمسين وثلاث مائة، عن بضع وثمانين سنة، قاله المحدّث يحيى بن علي بن الطحان.
وفيها: مات الحافظ أبو سعيد أحمد بن محمد بن رميح النسوي النخعي، وأبو العباس عبد الله بن الحسين النضري المروي، وعبد الرحمن بن العباس المخلص، وعمر بن جعفر البصري، وأبو عبد الله بن مُحْرِم.
أخبرنا إسماعيل بن عبد الرحمن، وعلي بن محمد قالا: أخبرنا الحسن بن صباح، أخبرنا ابن رفاعة، أخبرنا أبو الحسن الخلعي، أخبرنا عبد الرحمن بن عمر، حدَّثنا حمزة بن محمد الحافظ، سمعت الصيدلاني عباسًا الدوري، سمعت يحيى بن معين يقول: إذا رأيت الرجل يخرج من منزله بلا محبرة ولا قلمٍ يطلب الحديث، فقد عزم على الكذبة.