وكان باذلًا للذَّهب في استجلاب الكتب، ويعطي من يتَّجر فيها ما شاء، حتى ضاقت بها خزائنه، لا لذة له في غير ذلك.
وكان عالمًا إخباريًّا وقورًا، نسيج وحده.
وكان على نمطه أخوه عبد الله -الملقَّب بالولد- في محبَّة العلم، فقُتَل في أيام أبيه.
وكان الحكم موثقًا في نقله، قلَّ أن تجد له كتابًا إلَّا وله فيه نظر وفائدة، ويكتب اسم مؤلفه ونسبه ومولده، ويغرب ويفيد.
ومن محاسنه أنَّه شدَّد في الخمر في ممالكه، وأبطله بالكلية، وأعدمه.
وكان يتأدَّب مع العلماء والعبَّاد، التمس من زاهد الأندلس أبي بكر يحيى بن مجاهد الفزاري أن يأتي إليه فامتنع، فمَرَّ في موكبه بيحيى وسلَّم عليه، فرَدَّ عليه ودعا له، وأقبل على تلاوته، ومَرَّ بحلقة شيخ القراء أبي الحسن الأنطاكي فجلس، ومنعهم من القيام له، فما تحرَّك أحد.
مات بقصر قرطبة في صفر سنة ست وستين وثلاث مائة.
وبويع ابنه هشام وله تسع سنين أو أكثر، ولقِّبَ بالمؤيد بالله، فكان ذلك سببًا لتلاشي دولة المروانية، ولكن سدد أمر المملكة الحاجب الملقَّب بالمنصور أبي عامر محمد بن عبد الله بن أبي عامر القحطاني، وإليه كان العقد والحلّ، فساس أتمَّ سياسة.
وقد تقدم المستنصر (١) مع جدهم الداخل أيضًا.
(١) تقدمت ترجمته بتعليقنا رقم "٣٨٢"، في الجزء الخامس، وبرقم ترجمة عام "١٢٣٣".