ومدحه فحول الشعراء، وفيه يقول أبو الحسن السلامي، وأجاد:
إليك طوى عرض البسيطة جاعل … قُصَارى المنايا أن يلوح بها القصر
فكنت وعزمي والظلام وصارمي … ثلاثة أشياء كما اجتمع النسر
وبشرت آمالي بملك هو الورى … ودار هي الدنيا ويوم هو الدهر
وكان يقول الشعر، فقال أبياتًا كُفْرِيَّة:
ليس شرب الراح إلَّا في المطر … وغناء من جوار في السحر
مبرزات الكأس من مطلعها … ساقيات الراح من فاق البشر
عضد الدولة وابن ركنها … ملك الأملاك غلّاب القدر
نقل أنه لما احتضر ما انطلق لسانه إلَّا بقوله تعالى: ﴿مَا أَغْنَى عَنِّي مَالِيَهْ، هَلَكَ عَنِّي سُلْطَانِيَهْ﴾ [الحاقة: ٢٨ - ٢٩] ومات بعِلَّة الصَّرَع، وكان شيعيًّا جلدًا، أظهر بالنجف قبرًا زعم أنه قبر الإمام علي، وبنى عليه المشهد، وأقام شعار الرفض، ومأتم عاشوراء، والاعتزال، وأنشأ ببغداد البيمارستان العضدي، وهو كامل في معناه، لكنه تلاشى الآن.
تملَّك العراق خمسة أعوام ونصفًا، وما تلَّقى خليفة ملكًا من قدومه قبله، قَدِمَ بغداد وقد تضعضعت، وخربت القرى، وقويت الزُّعار، فأوقع جنده بآل شيبان الحرامية، وأسروا منهم ثمان مائة، وأحكم البثوق، وغرس الزاهر، غَرِم على تمهيد أرضه ألف ألف درهم، وغرس التاجي، ومساحته ألف وسبع مائة جريب، وعمَّر القناطر والجسور.
وكان يقظًا زعرًا شهمًا، له عيون وقصَّاد، شغل وشغف بسرية فأمر بتغريقها، وأخذ مملوكًا غصبًا من صاحبه، ثم وسَّطه، ووجد له في تذكرة: إذا فرغنا من حلّ إقليدس تصدقت بعشرين ألفًا، وإذا فرغنا من كتاب أبي عليّ النحوي تصدقت بخمسين ألفًا، وإن ولد لي ابن تصدقت بكذا وكذا.
وكان يطلب حساب ممالكه في العام، فإذا هو أَزْيَد من ثلاث مائة ألف ألف درهم، فقال: أريد أن أبلغ به حتى يتمّ في كل يوم ألف ألف.
قال ابن الجوزي: وفي رواية أنه كان يرتفع له في العام اثنان وثلاثون ألف ألف دينار، كان له كرمان وفارس وخوزستان والعراق والجزيرة وديار بكر ومنبج وعمان، وكان ينافس حتى في قيراط جَدّد مظالم ومكوسًا، وكان صائب الفراسة.